وإذا
استأجر رجل رجلا عشرة أشهر كل شهر بعشرة دراهم يشتري له البز ويبيع ذلك فهو جائز ; لأنه عقد على منافعه في مدة معلومة ببدل معلوم ، فإن دفع إليه رب المال في هذه العشرة الأشهر مالا يعمل به على أن الربح بينهما نصفان فعمل به الأجير ; فالربح لرب المال ، والوضيعة عليه ، ولا شيء للأجير من الربح في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : ربح المضاربة بينهما على ما اشترطا ، ولا أجر للأجير ما دام يعمل بهذا ، وإذا عمل بغيره من ملك رب المال ; فله أجر عشرة دراهم في كل شهر حتى تنقضي هذه الشهور ; لأن اتفاقهما على المضاربة بمنزلة الفسخ منهما للإجارة ، ولكن هذا الفسخ في ضمن المضاربة فيقتصر على المنافع التي يعمل بها في مال المضاربة ، ولا تتعدى إلى ما يعمل به في غيره من مال رب المال فيستوجب الشركة في الربح باعتبار المضاربة ، والأجر بمنافعه المصروفة إلى عمله لرب المال من غير مال المضاربة ; ولأن المضاربة شركة .
ولو أن الأجير شارك رب المال بألف من ماله خلطه بمال رب المال بإذنه على أن يعمل بالمالين ، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان كانت الشركة جائزة على ما اشترطا ، ولا أجر للأجير ما دام يعمل بهذا المال ،
[ ص: 152 ] فكذلك في المضاربة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف يقول :
عقد الإجارة لا ينتقض بالمضاربة ; لأن المضاربة دون الإجارة ، فالإجارة لازمة من الجانبين ، والمضاربة غير لازمة ، ولا ينتقض الشيء بما هو دونه ; ولأن المعقود عليه في الإجارة منافعه ، وفي المضاربة العمل ، وأحدهما غير الآخر ، والعقد المضاف إلى محل لا يبطل عقدا مضافا إلى محل آخر هو أقوى منه ، ومع بقاء الإجارة لا يجوز أن تثبت له الشركة في الربح إذا اجتمع له الأجر والشركة في الحاصل بعمله ، وذلك لا يجوز ; ولأن المضارب إنما يستحق الشركة في الربح بإزاء عمل نفسه بمنافع هي له ، وهنا منافعه بعقد الإجارة مستحقة للمستأجر ، فلا يوجد ما هو موجب استحقاق الشركة في الربح ، وهذا بخلاف الشركة فإن الشريك يستحق الربح بماله لا بعمله ، فبالإجارة السابقة بينهما لا ينعدم ما به يستحق الشريك ، ولأن الشريك يعمل لنفسه في مال نفسه فلا يستوجب الأجر بهذا العمل على المستأجر ، والمضارب يعمل لرب المال وهو بعمله بالمال يستوجب الأجر هنا ، فلا يجوز أن يستوجب الشركة في الربح ، وعقد الإجارة يرد على منافعه كما قال ، ولكن المقصود هو العمل ، فإذا وجد ما هو المقصود كان البدل بمقابلته .
وإن كان تسليم النفس عند عدم العمل يقام مقامه في استحقاق الأجر كالصداق ; فإنه بمقابلة ما هو المقصود ، وإن كان تسليم المرأة نفسها قد يقام مقام ما هو المقصود في تأكيد المهر به لدفع الضرر عنها .