( قال رحمه الله )
رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة على أن ما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان ، فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة وباعه من المضارب بألف المضاربة جاز ذلك ; لكون العقد مفيدا بينهما ، فإن باعه المضارب مساومة باعه كيف شاء ، وإن باعه مرابحة باعه على خمسمائة ، وهو ما اشتراه به رب المال دون الألف الذي اشتراه به المضارب ; لأن الذي يجري بين رب المال والمضارب في الحقيقة لم يكن بيعا ، فإن البيع مبادلة ملك إنسان بملك غيره ، وهذا كان مبادلة ملك رب المال بملكه ، ولكن جعل بمنزلة العقد في حق ما بينهما ; لكونه مفيدا في حقهما .
فأما في حكم بيع المرابحة فالعقد هو الأول ، وهو شراء رب المال إياه بخمسمائة فيبيعه مرابحة على ذلك ، يوضحه أن المضارب متهم في حق رب المال بالمسامحة وترك الاستقصاء ، وبيع المرابحة بيع أمانة ينفي عنه كل تهمة وخيانة ، وانتفاء التهمة في أقل الثمنين ، فبيعه مرابحة على ذلك ، إلا أن يبين الأمر على وجهه ، فحينئذ يبيعه كيف شاء ; ولأن المضارب يبيعه بالمال فينبغي أن يطرح ربح رب المال عند انضمام أحد العقدين إلى آخر ، وربح رب المال خمسمائة فيطرح ذلك من الثمن ويبيعه مرابحة على ما بقي .
ولو كان رب المال اشترى العبد بألف فباعه من المضارب بخمسمائة درهم من المضاربة باعه المضارب مرابحة على خمسمائة ; لأنه أقل الثمنين ، والذي جرى بينهما عقد في حقهما ، فإن لم يكن في الحقيقة عقدا فيعتبر هذا الجانب إذا كان أقل الثمنين عند اعتباره ، وانتفاء التهمة ، إنما يكون في الأقل .
ولو كان رب المال ملك العبد بغير شيء فباعه من المضارب بألف المضاربة لم يبعه مرابحة حتى يبين أنه اشتراه من رب المال ; لما بينا أن الذي جرى بينهما ليس ببيع في الحقيقة ، وليس لرب المال على هذه العين شراء سوى هذه ليبيعه المضارب به مرابحة باعتبار ذلك ، فإن بين الأمر على وجهه فقد انتفت التهمة .