ولو
دفع رجل إلى رجلين أرضا بينهما نصفين ; ليزرعاها ببذرهما وعملهما على أن لصاحب الأرض ثلث الخارج ثلثه من نصيب أحدهما بعينه ، وثلثاه من نصيب الآخر فهو جائز ; لأنه أجر الأرض منهما بجزء معلوم من الخارج ، وفاوت بينهما ذلك الأجر ، وذلك مستقيم ; فإنه لا تتفرق الصفقة في حقه بهذا التفاوت ، فإذا حصل الخارج كان له الثلث ستة من ثمانية عشر والباقي بين العاملين على اثني عشر سهما ، خمسة للذي شرط لرب الأرض ثلثي الثلث من نصيبه ; لأن نصيبه كان تسعة ، وقد أوجب للمزارع من ذلك أربعة ، فبقي له خمسة ، والآخر إنما أوجب لرب الأرض سهمين من نصيبه ، فبقي له سبعة ، فإذا كانا اشترطا أن الباقي بعد الثلث بينهما نصفان ، فهذه مزارعة فاسدة ; لأن الذي شرط ثلثي الثلث من نصيبه لرب الأرض شرط لنفسه سهما من نصيب صاحبه ليستوي به ، وكان صاحبه عاقده عقد المزارعة في نصيبه بهذا السهم الذي شرط له ، وشرط عمله معه ، وذلك مفسد لعقد المزارعة بخلاف الأول ، فهناك ليس بين صاحبي الأرض شبهة عقد ، فاشتراط أحدهما لنفسه سهما من نصيب صاحبه استيهاب للمعدوم ، وإذا فسد العقد كان الخارج بين المزارعين نصفين ، ولرب الأرض أجر مثل أرضه ، أخرجت الأرض شيئا أو لم تخرج فإن قيل : كان ينبغي أن لا يفسد العقد بينهما وبين رب الأرض ; لأن المفسد ممكن فيما بينهما ، ولم يتمكن في العقد الذي فيما بينهما وبين رب الأرض قلنا : العقد كله صفقة واحدة بعضه مشروط في البعض فيتمكن المفسد منه ، وفي جانب منه يفسد الكل ، ثم قد يتمكن المفسد بينهما وبين رب الأرض من وجه ، وهو أن الذي شرط الثلثين لرب الأرض من نصيبه كأنه شرط ربع ذلك
[ ص: 91 ] على صاحبه ليستوي به فيما بقي ، واشتراط شيء من الأجر في الإجارة على غير المستأجر يكون مفسدا للإجارة