قال [ رحمه الله ] : وإذا
دفع إلى رجل أرضا بيضاء سنين مسماة على أن يغرسها نخلا وشجرا وكرما ، على أن ما أخرج الله - تعالى - من ذلك من نخل أو شجر أو كرم فهو بينهما نصفان ، وعلى أن الأرض بينهما نصفان - فهذا كله فاسد لاشتراطهما الشركة فيما كان حاصلا
[ ص: 105 ] لا بعمله ، وهو الأرض ، فإن قبضها وغرسها فأخرجت ثمرا كثيرا ، فجميع الثمر والغرس لرب الأرض ، وللغارس قيمة غرسه وأجر مثله فيما عمل ، وقد بينا في المسألة طريقين لمشايخنا - رحمهم الله - في كتاب الإجارات : إحداهما ، أنه اشترى منه نصف الغرس بنصف الأرض والأخرى أنه اشترى منه جميع الغرس بنصف الأرض . والأصح فيه أنه استأجره ليجعل أرضه بستانا بآلات نفسه ، على أن يكون أجره نصف البستان الذي يظهر بعمله وآلاته ، وذلك في معنى قفيز الطحان فيكون فاسدا ، ثم الغراس عين مال قائمة كانت للعامل ، وقد تعذر ردها عليه للاتصال بالأرض ، فيلزمه قيمتها مع أجر مثل عمله فيما عمل ، بمنزلة ما لو دفع إلى خياط ظهارة على أن يبطنها أو يحشوها ويخيطها جبة بنصف الجبة - كان العقد فاسدا وكانت له قيمة البطانة والحشو وأجر مثل عمله فيما عمل . وكذلك لو لم يشترط له من الأرض شيئا ، ولكنه قال : على أن يكون لك علي مائة درهم ، أو شرط عليه كر حنطة ، أو شرط له نصف أرض أخرى معروفة فالعقد فاسد في هذا كله ; لجهالة الغراس الذي شرطه عليه ، وكذلك هذا في الزرع .