وسألته عن
نهر بين رجلين له خمس كوى من هذا النهر الأعظم ، وأحد الرجلين أرضه في أعلى هذا النهر ، والآخر أرضه في أسفل هذا النهر فقال صاحب الأعلى أني أريد أن أشد بعض هذه الكوى ; لأن ماء النهر يكثر فيفيض في أرضي ، وأتأذى منه ، ولا يبلغك حتى يقل فيأتيك منه ما ينفعه قال ليس له ذلك ; لأنه يقصد الإضرار بشريكه ثم ضرر النزلاء يلحق صاحب الأعلى بفعل صاحب الأسفل بل تكون أرضه في أعلى النهر ، وبمقابلة هذا الضرر منفعة إذا قل الماء .
ولو سد بعض الكوى يلحق صاحب الأسفل ضرر لنقصان صاحب الأعلى ، وهو ممنوع من ذلك كما لو أراد أن يسكر النهر ، وكذلك لو قال اجعل لي نصف هذا النهر ، ولك نصفه فإذا كان في حصة سددت منها ما بدا لي ، وأنت في حصتك تفتحها كلها فليس له ذلك ; لأن القسمة قد تمت بينهما مرة بالكوى فلا يكون لأحد أن يطالب بقسمة أخرى ، وفي القسمة الأولى الانتفاع بالماء لكل واحد منهما مستدام ، وفيما يطالب هذا به يكون انتفاع كل واحد منهما بالماء في بعض المدة ، وربما يضر ذلك بصاحب الأسفل فإن تراضيا على ذلك فلهما ما تراضيا عليه فإن أقاما على هذا التراضي زمانا ثم بدا لصاحب الأسفل أن ينقض فله ذلك ; لأن كل واحد منهما معير لصاحبه نصيبه من الشرب في نوبته من الشهر ، وللمعير أن يرجع متى شاء ، وكذلك لورثته بعد موته ; لأنهم خلفاؤه في ذلك ، وهذا ; لأنه لا يمكن أن يجعل ما تراضيا عليه مبادلة فإن بيع الشرب بالشرب ، وإجارة الشرب
[ ص: 180 ] بالشرب باطل .