وإن
احتفر الرجل بئرا في مفازة بإذن الإمام فجاء رجل آخر ، واحتفر في حريمها المذكورة بئرا كان للأول أن يسد ما احتفره الثاني ; لأن حريم البئر صار مملوكا لصاحب البئر إذا حفر بإذن الإمام ، والثاني متعد في تصرفه في ملكه فلا يستحق بهذا التصرف شيئا ; ولأنه ضامن للنقصان ، وللأول أن يأخذه بسد ما احتفر ، وهو عرق ظالم
[ ص: 189 ] ولا حق له بظاهر الحديث ، وكذلك لو بنى أو زرع أو أحدث فيه شيئا للأول أن يمنعه من ذلك لملكه ذلك الموضع ، وما عطب في بئر الأول فلا ضمان عليه فيه ; لأنه غير متعد في حفره ، وما عطب في بئر الثاني فهو مضمون على الثاني ; لأنه متعد في تسببه .
ولو أن الثاني حفر بئرا بأمر الإمام في غير حريم الأول ، وهي قريبة منه فذهب ماء البئر الأول ، وعرف أن ذهاب ذلك من حفر الثاني فلا شيء له عليه ; لأنه غير متعد فيما صنع بل هو محق في الحفر في غير حريم الأول ، والماء تحت الأرض غير مملوك لأحد فليس له أن يخاصمه في تحويل ماء بئره إلى بئر الثاني كالتاجر إذا كان له حانوت فاتخذ آخر بجنبه حانوتا لمثل تلك التجارة فكسدت تجارة الأول بذلك لم يكن له أن يخاصم الثاني .