قوم اقتسموا أرضا لهم بينهم بالسوية ثم اختلفوا في مقدار الطريق فإن كانوا قد اختلفوا بعد تمام القسمة فالقول قول المدعى عليه لإنكاره حق الغير فيما في يده ، وإن كانوا لم يفرغوا من القسمة جعلوا الطريق بينهم على ما شاءوا ، وقد بينا الكلام في الطريق في كتاب القسمة ، وإن الأثر المروي فيه بالتقدير بسبعة أذرع غير مأخوذ به ، وإلى ذلك أشار هنا فقال بلغنا في ذلك عن
عكرمة أثر يرفعه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81396إذا اشتجر القوم في الطريق جعل سبعة أذرع } ، ولا نأخذ به ; لأنا لا ندري أحق هذا الحديث أم لا .
ولو علمنا أنه حق أخذنا به ، ومعنى هذا أنه أثر شاذ فيما يحتاج الخاص ، والعام إلى معرفته ، وقد ظهر عمل الناس بخلافه فإن الصحابة رضي الله عنهم فتحوا البلاد ، ولم ينقل عن أحد أنه أخذ بهذا الحديث في تقدير الطريق المنسوب إلى الناس بسبعة أذرع فعرفنا أن الحديث غير صحيح .
ولو علم أنه حق
[ ص: 204 ] وجب الأخذ به ; لأن ما قدره صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام بتقدير يجب العمل به ، ولا يجوز الإعراض عنه بالرأي ،
قولهم عشر بستات من ماء يجري لهم جميعا في نهر ، ومنهم من يرى عشر منتات ، وهو صحيح أيضا ، وكل واحد من اللفظين مستعمل في قسمة الماء ، وكل منت ست بستات ، وكل بست ست شعرات ، وهو معروف بين أهل
مرو ، ومقصوده ما قال إذا أصفى منها من رجل منهم ، وقطع ذلك من نهرهم بحق الذي أصفى عنه من غير قسمة فهو شريكهم فيما بقي ، والذي أصفى من حقهم جميعا فالإصفاء هو الغصب فمعناه إذا
غصب الوالي نصيب أحد الشركاء من الشرب ، وجعل ذلك لنفسه أو غيره فهذا المغصوب يكون من حق الشركاء كلهم ، وما بقي مشترك بينهم على أصل حقهم أن المغصوب كالمستهلك ، وما توى من المشترك يتوي على الشركة ، وما يبقى يبقى على الشركة فهذا مثله ،
رجل له مجرى ماء يجري إلى بستانه أو يجري إلى دار قوم ميزاب له أو كان له ممشى في دار قوم قد كان يمشي فيه إلى منزله فاختلفوا في ذلك من أين يعلم أنه للمدعي قال إذا شهدوا أن له طريقا فيها أو مجرى ماء أو مسيل ماء قبلت الشهادة ، وقضى له بذلك ; لأنه يدعي لنفسه حقا في ملك الغير فلا تسمع دعواه إلا بحجة ، وما غاب عن القاضي علمه فالحجة فيه شهادة شاهدين ، ولا حاجة بالشاهدين إلى بيان صفة الطريق ، والمجرى ، والمسيل ، وإن كانوا لو بينوا ذلك كان أحسن ، وقد بينا هذا في كتاب الدعوى ، والله أعلم بالصواب