ولو
ملأ فاه خمرا ، ثم مجه ، ولم يدخل جوفه منها شيء ، فلا حد عليه ; لأنه ذاق الخمر ، وما شرب .
( ألا ترى ) أنه لا يحنث في اليمين المعقودة على الشرب بهذه ، وأن الصائم لو فعله مع ذكره للصوم لا يفسد صومه ، وكذلك الطبع لا يميل إلى هذا الفعل ، فلا يشرع فيه الزجر بخلاف شرب القليل ، فإنه من جنس الشرب ، والطبع مائل إلى شرب الخمر قلت ،
والتمر المطبوخ يمرس فيه العنب ، فيغليان جميعا ، والعنب غير مطبوخ قال : أكره ذلك ، وأنهى عنه ، ولا أحد من شرب منه إلا أن يسكر ، والكلام في فصلين أحدهما في طبخ العنب قبل أن يعصر ، فإن
الحسن روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمهما الله أنه بمنزلة الزبيب ، والتمر يكفي أدنى الطبخ فيه ، ولكن
الحسن بن أبي مالك رحمه الله أنكر هذه الرواية ، وقال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يقول : إنه لا يحل ما لم يذهب ثلثا ما فيه بالطبخ ، وهو الأصح ; لأن الذي في العنب هو العصير ، والعصر مميز له عن التفل والقشر ، وكما لا يحل العصير بالطبخ ما لم يذهب منه ثلثاه ، فكذلك العنب .
فإن
جمع في الطبخ بين العنب ، والتمر ، أو بين الزبيب ، والتمر لا يحل ما لم يذهب بالطبخ ثلثاه بخلاف ما
لو خلط عصير العنب بنقيع التمر ، والزبيب ، وهذا ; لأن العصر لا يحل بالطبخ ما لم يذهب ثلثاه إذا كان وحده ، فكذلك إذا كان مع غيره ; لأنه اجتمع فيه الموجب للحل ، والحرمة ، وفي مثله يغلب الموجب للحرمة احتياطا ، وذكر
المعلى في نوادره أن
نقيع التمر ، والزبيب إذا طبخ أدنى طبخه ثم نقع فيه تمر ، أو زبيب ، فإن كان ما نقع فيه شيئا يسيرا لا يتخذ النبيذ من مثله ، فهو معتبر ، ولا بأس بشربه ، وإن كان يتخذ النبيذ من مثله لم يحل شربه ما لم يطبخ قبل أن يشتد ; لأنه في معنى نقيع مطبوخ ،
ولو صب في المطبوخ قدح من نقيع لم يحل شربه إذا اشتد ، ويغلب الموجب للحرمة
[ ص: 20 ] على الموجب للحل ، فهذا مثله .
ولا يحد في شرب شيء من ذلك ما لم يسكر إما لاختلاف العلماء رحمهم الله في إباحة شربه ، أو ; لأن ثبوت الحرمة للاحتياط ، وفي الحدود يحتال للدرء ، وللإسقاط ، فلا يجب به الحد ما لم يسكر ، وإن
خلط الخمر بالنبيذ ، وشربه رجل ، ولم يسكر ، فإن كانت الخمر هي الغالبة حددته ، وإن كان النبيذ هو الغالب لم نحده ; لما بينا أن المغلوب يصير مستهلكا بالغالب ، ويكون الحكم للغالب ، وهذا في الجنسين مجمع عليه ، والنبيذ ، والخمر جنسان مختلفان ، فإن أحكامهما مختلفة ، فإن
طبخ الزبيب وحده ، أو التمر ، ثم مرس العنب فيه ، فلا بأس به ما دام حلوا ، فإذا اشتد ، فلا خير فيه ، وكذلك إن مرس العنب في نبيذ العسل ، فهو بمنزلة عصير خلط بنبيذ ، واشتد ، فإن طبخا جميعا حتى ذهب ثلثا العصير ، ثم اشتد ، فلا بأس به ; لأن ما هو الشرط في العصير ، وهو ذهاب الثلثين بالطبخ قد وجد ،
والعنب الأبيض ، والأسود يعصران لا بأس بعصيرهما ما دام حلوا ، فإذا اشتد فهو خمر ، وإنما ، أورد هذا ; لأنه وقع عند بعض العوام أن الخمر من العنب الأسود دون الأبيض هذا ، وإن كان لا يشكل على الفقهاء ، فلرد ما ، وقع عند العوام كما ذكر في الاصطياد بالكلب الكردي في كتاب الصيد ، وقد بيناه .