ولو
، وجب لرجل على رجل حق من مال ، أو كفالة بنفس ، أو غير ذلك ، فأكره بوعيد قتل ، أو حبس حتى أبرأ من ذلك الحق كان باطلا ; لأن صحة الإبراء تعتمد تمام الرضا ، وبسبب الإكراه ينعدم الرضا ; وهذا لأن الإبراء عن الدين ، وإن كان إسقاطا ، ولكن فيه معنى التمليك ، ولهذا يرتد برد المديون ، وإبراء الكفيل ، فرع لإبراء الأصيل ، والكفالة بالنفس من حقوق المال ; لأن صحتها باعتبار دعوى المال ، فلهذا لا تصح البراءة في هذه الفصول مع الإكراه كما لا تصح مع الهزل ، وكذلك لو
أكره على تسليم الشفعة بعد ما طلبها ; لأن تسليم الشفعة من باب التجارة كالأخذ بالشفعة ، ولهذا ملكه الأب ، والوصي في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهما الله .
والتجارة تعتمد تمام الرضا ، وذلك يعتمد بالإكراه ، ولو
كان الشفيع حين علم بها أراد أن يتكلم بطلبها ، فأكره حتى سد فمه ، ولم يتركه ينطق يوما ، أو أكثر من ذلك كان على شفعته إذا خلى عنه ، فإن طلب عند ذلك ، وإلا بطلت شفعته ; لأن المسقط للشفعة ترك الطلب بعد التمكن منه .
( ألا ترى ) أن ترك الطلب قبل العلم بالبيع لا يبطل الشفعة لانعدام تمكنه من الطلب
[ ص: 66 ] وهو لم يكن متمكنا من الطلب هنا حين سد ، فمه ، أو قيل : له لئن تكلمت بطلب شفعتك لنقتلنك ، أو لنحبسنك ، فهذا لا يبطل شفعته ، فأما بعد زوال الإكراه إذا لم يطلب بطلت شفعته لترك الطلب بعد التمكن ، فإن قيل : أليس أن الإكراه بمنزلة الهزل ، والهازل بتسليم الشفعة تبطل شفعته ، فكذلك المكره على تسليم الشفعة قلنا إذا هزل بتسليم الشفعة قبل الطلب بطلت شفعته لترك الطلب مع الإمكان لا بالهزل بالتسليم ، فأما إذا
طلب الشفعة ، ثم سلمها هازلا ، واتفقا أنه كان هازلا في التسليم لم تبطل شفعته ; لما بينا أنه بمنزلة التجارة يعتمد تمام الرضا .
فإن
قال المشتري : إنه لم يكف عن الطلب للإكراه ، ولكنه لم يرد أخذها بالشفعة ، وقال الشفيع : ما كففت إلا للإكراه فالقول قول الشفيع ; لأن قيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه إنما كف عن الطلب للإكراه ، ولكنه يحلف بالله ما منعه من طلب الشفعة إلا الإكراه ; لأن المشتري ادعى عليه ما لو أقر به لزمه ، فإذا أنكره استحلف عليه . .