ولو
قال له : لأقتلنك ، أو لتقطعن يد هذا الرجل ، فقال له ذلك الرجل : قد أذنت لك في القطع ، فاقطعه ، وهو غير مكره لا يسع المكره أن يقطع يده ; لأن هذا من المظالم ، وليس المقصود بالفعل أن يأذن في ذلك شرعا ; لأنه يبذل طرفه لدفع الهلاك عن غيره ، وذلك لا يسعه كما لو رأى مضطرا ، فأراد أن يقطع يد نفسه ليدفعها إليه حتى يأكلها ، ولا يسعه ذلك فهذا مثله ، ولو لم
[ ص: 91 ] يوجد الإذن لم يسعه الإقدام على القطع ، فكذلك بعد الإذن ، وإن قطعها ، فلا شيء عليه ، ولا على الذي أكرهه ; لأن القاطع لو لم يكن مكرها ، وقال له إنسان اقطع يدي ، فقطعه لم يلزمه شيء ، فإذا كان القاطع مكرها أولى ، وهذا ; لأن الحق في الطرف لصاحب الطرف ، وقد أسقطه بالإذن في الابتداء ، ولو أسقطه بالعفو في الانتهاء لا يجب شيء ، فكذلك الإذن في الابتداء ، والدليل عليه أن الطرف يسلك به مسلك الأموال من وجه ، وفي الأموال البدل مفيد عامل في الإباحة ، والبدل الذي هو سعته عامل في إسقاط الضمان حتى إذا قال له : أحرق ثوبي هذا لا يباح له أن يفعله ، ولكن لا يلزمه شيء إن فعله ، فكذلك في الطرف البدل المفيد عامل في الإباحة ، وهو إذا وقع في يده أكلة ، فأمر إنسانا أن يقطع يده ، فالبدل الذي هو سعته يكون مسقطا للضمان فيه أيضا ، فلهذا لا يجب على القاطع ، ولا على المكره شيء ، وإن كان صاحب اليد مكرها أيضا من ذلك المكره ، أو من غيره على الإذن في القطع بوعيد تلف ، فالقصاص على المكره ; لأن بسبب الإلجاء يلغو إذنه ، وفعل القطع منسوب إلى المكره ; لأن المكره يصلح أن يكون آلة في ذلك ، فلهذا كان عليه القود .