ولو كان
أكرهه على أن قال لعبده : إن صليت فأنت حر ، أو إن أكلت ، أو شربت ، فأنت حر ، ثم صنع ذلك ، فإن العبد يعتق ، ويغرم المكره قيمته ، وكذلك كل ، فريضة لا يجد المكره بدا من أن يفعل ذلك ; لأنه بمباشرة ذلك الفعل لا يصير راضيا بالعتق ، فإنه يخاف التلف بالامتناع من الأكل ، والشرب ، ويخاف العقوبة بترك الفريضة ، فيكون هو مضطرا في الإتيان بذلك الفعل ، والمضطر لا يكون راضيا ، وهو نظير
المريض إذا قال لامرأته : إن أكلت ، أو صليت الظهر ، فأنت طالق ثلاثا ، ففعلت ذلك كان الزوج ، فارا بهذا المعنى ، ولو
قال له فلان : إن تقاضيت ديني الذي على فلان ، أو أكلت طعام كذا لطعام خاص بعينه ، أو دخلت دار فلان ، فأنت حر ، ففعل ذلك ، ثم فعل الذي حلف عليه عتق العبد ، ولم يغرم المكره شيئا ; لأنه كان يجد من ذلك الفعل بدا ، فبالإقدام عليه يصير راضيا بالعتق ، ويخرج الإتلاف به من أن يكون منسوبا إلى المكره ، وقد قال في الطلاق إذا
قال المريض لامرأته : إن تقاضيت دينك الذي على فلان ، فأنت طالق ثلاثا ، ففعلت ذلك يصير الزوج فارا .
والفرق بين الفصلين أن المعتبر هنا انعدام الرضا من المرأة بالفرقة ليصير الزوج ، فارا لا الإلجاء .
( ألا ترى ) أنه لو أكرهها بالحبس حتى سألته الطلاق كان الزوج ، فارا ; لأن الرضا ينعدم بالإكراه بالحبس ، فكذلك الرضا ينعدم منها إذا كانت تخاف هلاك دينها على فلان بترك التقاضي ، فأما في هذا الموضع ، فالمعتبر هو الإلجاء ، والضرورة لإيجاب الضمان على المكره لا انعدام الرضا من المكره .
( ألا ترى ) أنه لو أكره بحبس ، أو قيد على أن يعتق عبده لم يضمن المكره شيئا ، وإنما يتحقق الإلجاء عند خوف التلف على نفسه ، أو خوف العقوبة
[ ص: 105 ] بترك الفريضة ، فأما خوفه على الدين الذي له على فلان ، فلا يوجب الضرورة ، والإلجاء ، فلهذا لا يضمن المكره شيئا . .