ولو
أكرهه بوعيد تلف على أن يهبه له ، فوهبه ، ودفعه ، فقال قد وهبته لك ، فخذه ، فأخذه الموهوب له ، فهلك عنده كان للمكره إن شاء ضمن المكره القيمة ; لأن إكراهه على الهبة إكراه على التسليم ، وإن شاء ضمن القابض ; لأن قبضه على سبيل التملك لنفسه بغير رضاه .
( ألا ترى ) أن رجلا لو أمر رجلا أن يهب جاريته هذه لفلان ، فأخذها المأمور ، فوهبها ، ودفعها إلى الموهوب له جاز ذلك ، فلما جعل التوكيل بالهبة توكيلا بالتسليم كان المقصود بالهبة لا يحصل إلا بالتسليم ، فكذلك الإكراه على الهبة يكون إكراها على التسليم ، ثم بين في الأصل ما يوضح هذا الفرق ، وهو أن إيجاب الهبة للموهوب له يكون إذنا في القبض إذا كان بمحضر منهما ، وإيجاب البيع لا يكون إذنا في القبض ، وإن كان المبيع حاضرا حتى لو قبضه بغير أمر البائع كان للبائع أن يأخذه منه حتى يعطيه الثمن ، والبيع الفاسد بمنزلة الهبة في هذا الحكم ، وكان
الطحطاوي رحمه الله يقول في البيع الصحيح أيضا : للمشتري أن يقبضه بمحضر منهما ما لم ينهه البائع عن ذلك ، وقال إيجاب البيع الصحيح أقوى من إيجاب البيع الفاسد .
ولكن ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الكتاب أصح ; لأن القبض في البيع الفاسد ، والهبة نظير القبول في البيع الصحيح من حيث إن الملك يحصل به ، فأما قبض المشتري في البيع الصحيح ، فيكون مسقطا حق البائع في الحبس ، وإيجاب البيع لا يكون إسقاطا لحقه في الحبس ، فلا بد من الآمر بالقبض ليسقط به حقه .