ولو
قال : المهر مائة دينار ، ولكنا نسمع بعشرة آلاف درهم ، وأشهدوا عليه ، ثم تزوجها في الظاهر على عشرة آلاف درهم كان النكاح جائزا بمهر مثلها كأنه تزوجها على غير مهر ; لأنهما قصدا الهزل بما سمياه في العقد ومع الهزل لا يجب المال ، وما تواضعا على أن يكون صداقا بينهما ، ثم يذكر أنه في العقد ، والمسمى لا يثبت بدون التسمية ، فإذا لم يثبت واحد منهما صار كأنه تزوجها على غير مهر ، فيكون لها مهر مثلها بخلاف الأول ، فهناك قد سميا في العقد ما تواضعا على أن يكون مهرا ، وزيادة ; لأن في تسمية الألفين تسمية الألف ، وكذلك لو
قالا في السر : على أن يكون النكاح على مائة دينار ، وتزوجها في العلانية ، ولم يسم لها مهرا ، فلها مهر المثل لما قلنا ، وإن قالا عند العقد عقدنا على ما تراضينا به من المهر ، فالنكاح جائز على مائة دينار ; لأن هذه الإضافة بمنزلة التسمية منهما لما تواضعا عليه من الدنانير وأكثر ما فيه أن الشهود لم يسمعوا ما سميا من مقدار المهر ، ولكن سماع الشهود التسمية ليس بشرط لصحتها ولو
كان هذا في البيع ، فقالوا [ ص: 126 ] البيع على مائة دينار إلا أنا نظهر بيعا بخمسة آلاف درهم ، فالبيع جائز بخمسة آلاف درهم ، وما تواضعا عليه باطل .
وهذا استحسان ، وفي القياس البيع باطل ; لأنهما قصدا الهزل بما سميا ، ولم يذكرا في العقد ما تواضعا على أن يكون ثمنا بينهما ، فبقي البيع بينهما بغير ثمن ، ووجه الاستحسان أن البيع لا يصح إلا بتسمية البدل ، وهما قصدا الجد في أصل البيع هنا ، فلا بد من تصحيحه ولا وجه لذلك إلا أن يعقد المسمى فيه من البدل بخلاف النكاح ، فهناك أعمال الهزل في المسمى مع تصحيح أصل العقد ممكن ; لأن النكاح لا تتوقف صحته على تسمية البدل : يوضح الفرق أن المعاقدة بعد المعاقدة في البيع يكون مبطلا الأول بالثاني ، فإنهما لو
تبايعا بمائة دينار ثم تبايعا بخمسة آلاف درهم كان البيع الثاني مبطلا للأول ، فكذلك يجوز أن يكون البيع بعد المواضعة بخلاف جنس ما تواضعا عليه ، فيكون مبطلا للمواضعة ، وأما في النكاح فالعقد بعد العقد لا يكون مبطلا ، فإنه لو
تزوجها بمائة دينار ، ثم جدد العقد بعشرة آلاف درهم لم يصح الثاني .
فكذلك تسمية الدراهم في العقد بعد ما تواضعا على أن يكون الصداق دنانير يمنع وجوب الدراهم ، فيكون لها مهر مثلها ، وكل ما يحتمل النقض لا يصح إلا بتسمية البدل كالقسمة ، والإجارة ، والكتابة في ذلك قياس البيع وكذلك هذا في الخلع ، والطلاق ، والعتاق بجعل ; لأن البدل في هذه العقود لا يجب بدون التسمية ، فلو أعملنا الهزل في المسمى لوقع الطلاق ، والعتاق بغير جعل ، ولم يوجد منهما الرضا بذلك ، فلهذا صححنا ذلك بالمسمى فيه بخلاف النكاح فهناك ، وإن جعلنا ما سميا في العقد هزلا انعقد النكاح بينهما مواضعة بمهر المثل ، فلهذا اعتبرنا المواضعة في المنع من وجوب المسمى في العقد يوضحه أن في الطلاق بجعل لا بد من وقوع أصل الطلاق لقصدهما الجد فيه ، فلو لم يجب ما سمينا من البدل فيه كان الطلاق رجعيا ، ولا وجه لذلك مع وجود تسمية البدل ، فلهذا ، أوجبنا المال عليها ، وجعلنا الطلاق ثابتا .