ولو
قال في السر إنا نريد أن نظهر بيعا علانية ، وهو بيع تلجئة وباطل ، ثم إن أحدهما قال علانية وصاحبه حاضر : إنا قد قلنا كذا ، وكذا في السر ، وقد بدا لي أن أجعله بيعا صحيحا ، وصاحبه يسمع ذلك ، ولم يقل شيئا ثم تبايعا ، فالبيع جائز ; لأن تلك المواضعة لم تكن لازمة بينهما ينفرد أحدهما بإبطالها ، ثم إقدام الآخر على العقد معه بعد ما سمع منه إبطال تلك المواضعة يكون رضا منه بصحة البيع ، فإنما تم البيع بينهما بتراضيهما ولو لم يكن سمع ذلك من صاحبه ، ولم يبلغه كان البيع فاسدا لانعدام الرضا من الآخر بصحة البيع ، ولزومه حين لم يعلم بمناقضة صاحب المواضعة ، فإن قبضه المشتري على ذلك ، وأعتقه ، فإن كان الذي قال ذلك القول البائع ، فالبيع جائز ; لأن البائع صار راضيا بلزوم العقد حين أبطل المواضعة والمشتري صار راضيا بذلك حين أعتقه ، فيتم البيع ، وعلى المشتري الثمن ، وهو بمنزلة ما لو شرطا الخيار لهما ، ثم أسقط البائع خياره ، وأعتق المشتري العبد ، وإن كان المشتري قاله لم يجز العتق ; لأن البائع لما لم يظهر منه ما يدل على الرضا بالعقد كان خياره باقيا ، وبقاء الخيار للبائع يمنع نفوذ عتق المشتري ، فإن أجاز البائع البيع جاز البيع .
ولا يجوز العتق الذي كان قبل ذلك من المشتري ; لأنه سبق ملكه ، فلا ينفذ ، وإن حدث له الملك من بعد وإن بلغ الذي لم يقل مقالة صاحبه بعد أن تبايعا ، فرضي بالبيع ، فالبيع جائز ; لأن صاحبه بنقض المواضعة صار راضيا والآخر بالرضا بعد ما بلغه مقالة صاحبه صار راضيا أيضا وإن لم يرض حتى نقض صاحبه البيع ، فإن كانا لم يتقابضا فنقضه جائز ، وهو نظير ما تقدم في البيع الفاسد قبل القبض لكل واحد منهما أن ينفرد بالفسخ ، وبعد القبض للذي المفسد من قبله أن ينفرد بالفسخ ، وليس للآخر ذلك فهذا قياسه ، وإن كان المشتري قد قبض ، فإن كان البائع هو الذي قال ذلك القول ، فليس له أن ينقض ، والأمر إلى المشتري لأن رضا البائع قد تم ، وإنما بقي المفسد في جانب المشتري ; لما بينا أن المواضعة بمنزلة شرط الخيار أبدا ، وإن كان المشتري هو الذي قال ذلك القول ، فالأمر إلى البائع إن شاء نقض ، وإن شاء سلم المبيع ، وليس إلى المشتري من النقض شيء ; لأن الرضا قد تم منه .