ولو
أكره بوعيد تلف على أن يعتق عبده ، فخطر على باله أن يقول هو حر به يريد الخبر ، والكذب ، وسعه أن يمسكه فيما بينه ، وبين الله تعالى لما بينا أن المخبر به إذا كان باطلا ، فبالإخبار لا يصير حقا ، ولكن إن ظهر ذلك للقاضي أعتقه عليه لإقراره به أي بغير ما أكره عليه ، فإنه أكره على إنشاء العتق ، والإقرار غير الإنشاء ومن أقر بحرية مملوكه طائعا يعتق عليه في القضاء ، ولا يضمن المكره له شيئا ; لأنه حين أقر أنه أتى بغير ما أكره عليه ، فقد صار مغريا المكره على الضمان ( ألا ترى ) أنه لو بين لهم ذلك ، وقال كيف تكرهونني على العتق ، وهو حر الأصل ، أو قد أعتقته أمس أعتقه القاضي ولم يضمن له المكره شيئا ، ولو قال خطر ذلك على بالي فقلت هو حر أريد به عتقا مستقبلا كان حرا في القضاء ، ويدين فيما بينه ، وبين الله تعالى ، وضمن الذي أكرهه قيمته ; لأن الذي خطر على باله لو فعله عتق به في القضاء أيضا ، فإتلاف المالية بفعل المكره في القضاء متحقق ، وسواء قصد ما خطر بباله ، أو لم يقصد كان الإتلاف في القضاء مضافا إلى المكره ، فعليه قيمته ، ثم قد أنشأ عتقا مستقبلا ، وذلك يجعل المملوك حرا في القضاء ، وفيما بينه ، وبين الله تعالى سواء كان مكرها ، أولم يكن مكرها .
( ألا ترى ) أنه لو لم يخطر بباله شيء ، ولكن أتى بما أكره عليه كان حرا في القضاء ، وفيما بينه ، وبين الله تعالى ، ويضمن المكره قيمته ، فكذلك ما سبق ، فإن قال المكره : قد خطر على باله الخبر بالكذب ، فقال : هو حر يريد الخبر الكذب ، فأنا أريد يمينه على ذلك كان له أن يستحلف عليه ; لأنه ادعى ما لو أقر به كان مكرها إياه ، ولا يكون له أن يضمن المكره بعده ، فإذا أنكره كان له أن يستحلف لرجاء نكوله وكذلك لو
أكره على طلاق امرأته ، ولم يدخل بها ، فقال : هي طالق ، ثم قال بعد ذلك : أردت الخبر بالكذب أو أنها طالق عن وثاق ، أو قيد ، وسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى ، فأما في القضاء ، فهي بائن منه ولا ضمان على المكره لإقراره أنه أتى بغير ما أكره عليه ، وأنه كان طائعا فيما قاله بناء على قصده ، وإن كان قال : قد كان خطر ببالي أن أقول هي طالق أريد الخبر ، أو إنها طالق من وثاق ، أو قيد ، فلم أقل ذلك ، وقلت هي طالق أريد طلاقا مستقبلا كانت طالقا في القضاء ، وفيما بينه ، وبين الله تعالى ، ولها على الزوج نصف المهر ، ويرجع على الذي أكرهه ; لأن الإتلاف مضاف إلى المكره في القضاء سواء قصد ما خطر بباله ، أو لم يقصد فهو ، وما لم يخطر بباله شيء في الحكم سواء .
وإن قال المكره إنما
[ ص: 132 ] قال ذلك يريد الخبر بالكذب ، أو طلاقا من قيد ، فطلب يمينه على ذلك استحلف له عليه لرجاء نكوله فإنه لو أقر بذلك يسقط حقه في تضمين المكره .