صفحة جزء
ولو أكرهه بوعيد القتل على أن يقتل أحد عبديه هذين ، وأحدهما أقل قيمة من الآخر ، فقتل أحدهما عمدا كان له أن يقتل المكره لتحقق الإلجاء هنا فيما أقدم عليه من القتل ، فحكم القتل في العبد الذي هو قليل القيمة كهو في كثير القيمة ، واذا تحقق الإلجاء صار القتل منسوبا إلى المكره بخلاف الأول ، فإنه لا مساواة بين استهلاك المال ، والقتل ، وإنما يتحقق الإلجاء في الأدنى والأدنى استهلاك المال الذي يباح له الإقدام عليه عند الضرورة ، فبقي في قتل العبد مباشرا للفعل مختارا ، وهنا حرمة نفس العبدين سواء ، فيتحقق الإلجاء في حق كل واحد منهما ، وكذلك لو أكرهه بوعيد القتل على أن يقطع يد نفسه ، أو يقتل عبده عمدا ، ففعل أحدهما كان له أن يقتص من المكره ; لأن الإلجاء تناول كل واحد منهما بمنزلة ما لو أكره عليه بعينه ، فإن قيل : لا كذلك ، فإنه يباح له الإقدام على قطع يد نفسه عند الإكراه ، ولا يباح له الإقدام على قتل عبده ، فينبغي أن يجعل هذا نظير الفصل الأول قلنا لا كذلك ، فالأطراف محترمة كالنفوس إلا أنه إذا أكره على قطع يد نفسه ، فباعتبار مقابلة طرفه بنفسه جوزنا له أن يختار أدنى الضررين وهذا المعنى لا يتحقق عند مقابلة طرفه بنفس عبده فالضرر عليه في قطع طرفه ، فوق الضرر في قتل عبده .

( ألا ترى ) أنه لو خاف على عبده الهلاك لا يحل له أن يقطع يد نفسه ليتناوله العبد ، فبهذا تبين أن المساواة بينهما في الحرمة عند مقابلة أحدهما بالآخر ، فيتناول الإكراه كل واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية