فإن
حجر عليه في بيته ، ثم باع العبد أو اشترى ممن قد علم بذلك فبيعه وشراؤه جائز ; لأن شرط صحة الحجر التشهير ولم يوجد فلا يثبت حكمه في حق من علم به كما لا يثبت في حق من لم يعلم به وهذا ; لأن الحجر لا يقبل التخصيص كالإذن ولم يمكن إثباته في حق من لم يعلم به فلو ثبت في حق من علم به كان حجرا خاصا وذلك لا يكون .
( ألا ترى ) أنه لو
أذن له في أن يشتري ويبيع من قوم بأعيانهم ونهاه عن آخرين فبايع الذين نهاه عنهم كان جائزا ، وهذا بخلاف خطاب الشرع فإن حكمه ثبت في حق من علم به ; لأن الخطاب مما يقبل التخصيص وكل واحد من المخاطبين الحكم في حقه كأنه ليس معه غيره وإذا
أتى المولى بعبده إلى أهل سوقه فقال : قد حجرت على هذا فلا تبايعوه كان هذا حجرا عليه ; لأن المولى أتي بما في وسعه وهو تشهير الحجر فيقام ذلك مقام علم جميع أهل السوق به بمنزلة الخطاب بالشرائع فإن
الذمي إذا أسلم ولم يعلم بوجوب الصلاة عليه حتى مضى زمان يلزمه القضاء لإشهار حكم الخطاب في دار الإسلام ، والحربي إذا - أسلم في دار الإسلام لا يلزمه القضاء ما لم يعلم ; لأن حكم الخطاب غير منتشر في دار الحرب ، ثم المولى قد أنذرهم بما أتى به من الحجر عليه في أهل سوقه ، وقد أعذر من أنذر فيخرج به من أن يكون
[ ص: 28 ] غارا لهم أو مضرا بهم بعد ذلك ولكن هذا إذا كان بمحضر الأكثر من أهل سوقه فإن كان إنما حضر ذلك من أهل سوقه رجل أو رجلان لم يكن ذلك حجرا حتى يحضر الأكثر من أهل سوقه ; لأن المقصود ليس عين السوق . ( ألا ترى ) أنه لو
أتى به إلى سوقه ليلا وجعل ينادي قد حجرت على هذا لم يكن ذلك معتبرا فعرفنا أن المقصود علم أهل السوق وليس في وسعه إعلام الكل فيقام الأكثر مقام الكل فإذا حضر ذلك الأكثر من أهل سوقه يجعل ذلك كحضور جماعتهم فثبت حكم الحجر في حق من علم به ، وفي حق من لم يعلم به ، وإن لم يحضر ذلك أكثر أهل السوق جعل كأنه لم يحضر أحد منهم .
( ألا ترى ) أنه لو دعا برجل من أهل سوقه إلى بيته وحجر عليه بمحضر منه لم يكن حجرا ولو
دعا إلى منزله جماعة من أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر عليه كان حجرا وهذا ; لأن ما يكون بمحضر من الجماعة قل ما يخفى فأما ما يكون بمحضر الواحد ، والمثنى فقد يخفى على الجماعة وشرط صحة الحجر تشهيره فإذا كان عند جماعة من أهل سوقه فقد وجد شرطه .