ولا يجوز
بيع المولى العبد بأمر بعض الغرماء ولا بغير أمرهم ; لأن حقهم في العبد مقدم على حق المولى ولوصولهم إلى حقهم طريقان أحدهما آجل ، وفيه وفاء بحقوقهم وهو الاستكساب ، والثاني عاجل ولكن ربما لا يفي بحقوقهم ، وهو بيع لرقبة فربما لا يكون بالثمن وفاء بديونهم ، وفي بيع المولى إياه بدون رضاهم قطع خيارهم وإبطال أحد الطريقين عليهم فلا يملك ذلك وحق كل واحد منهم ثابت كأنه ليس معه غيره .
( ألا ترى ) أنه لو أسقط الباقون حقهم كان المنع باقيا لحق هذا الواحد فكذلك إذا رضي بعضهم ولو
رفعه بعض الغرماء إلى القاضي ، ومن بقي منهم غائب فباعه القاضي للحضور أو أمره مولاه ببيعه جاز بيعه ; لأن الحاضرين طلبوا من القاضي أن ينظر لهم وينصفهم بإيصال حقهم إليهم فعليه أن يجيبهم إلى ذلك وهذا ; لأن في بيع القاضي نظرا للحاضر ، والغائب جميعا وللقاضي ولاية النظر في حق الغائب وليس للمولى على الغائب ولاية النظر فلهذا جاز البيع من القاضي أو بأمره ولا يجوز بدونه ، ثم القاضي يدفع إلى الحاضرين حصتهم من الثمن ويمسك حصة الغائب ; لأن دينه ثابت عند القاضي وبثبوت دينه ثبت مزاحمته مع الحاضرين في الثمن فلا يدفع إلى الحاضرين إلا مقدار حصتهم ، وهذا بخلاف ما إذا
حفر العبد بئرا في الطريق فتلف فيه مال إنسان فباعه القاضي في ذلك فإنه يصرف جميع الثمن إلى صاحب المال ، وإن كان من الجائز أن يتلف في البئر مال لآخر فيكون شريكا مع الأول في الثمن ; لأن الثابت ههنا حق الطالب خاصة وما سوى ذلك موهوم ، والموهوم لا يعارض المتحقق فلا ينقض شيء من حق الطالب لمكان هذا الموهوم وههنا حق الغائب ثابت معلوم فهو بمنزلة التركة إذا حضر بعض الغرماء وغاب البعض فباع القاضي التركة في الدين فإنه لا يدفع إلى الحاضرين إلا حصتهم لهذا المعنى فإن
قال العبد قبل أن يباع : إن لفلان علي من المال كذا فصدقه المولى بذلك أو كذبه وفلان غائب وكذبه الحضور من غرمائه فالعبد مصدق فيه ويوقف حصة المقر له من الثمن حتى يحضر ; لأن العبد ما لم يبع في الدين فهو على إذنه .