ولو
كان الدين على العبد ألفي درهم ألف حالة وألف إلى أجل فباعه المولى أو وهبه وسلمه فلصاحب الدين الحال أن ينقضه إلا أن يقضي المولى دينه ; لأن الدين المؤجل في حكم نقض تصرف المولى كالمعدوم وقيام صاحب الدين الحال كاف في نقض تصرف المولى فإن قضاه جاز ما صنع المولى من ذلك به ; لأنه وصل إليه جميع حقه ولا سبيل لصاحب الدين المؤجل على العبد في الحال فينفذ تصرفه فيه فإذا حل الدين الآخر لم يشارك الأقل فيما أخذ من المولى ; لأن أصل الدين لم يكن مشتركا بينهما والمقبوض من محل لا شركة بينهما فيه وهو ملك المولى ولكنه يتبع المولى بالأقل من دينه ومن جميع قيمته ; لأن حق الآخر سقط بوصول دينه إليه وكان المولى متطوعا فيما قضاه كأجنبي آخر وصار كان لم يكن عليه إلا الدين المؤجل فباعه المولى ( ألا ترى ) أنه لو لم يبعه حتى حل الدين فإن العبد كله يباع للغريم الآخر في دينه إلا أن يفديه المولى فكذلك إذا باعه كان ضامنا بجميع قيمته إلا أن يكون الدين أقل منه ، ولو
لم يقض المولى صاحب الدين الحال حقه [ ص: 141 ] فنقض البيع وطلب من القاضي ببيعه فإن القاضي يبيعه بمطالبته ، ثم يدفع إليه نصف الثمن ; لأن ببيع القاضي يتحول حق الغرماء إلى العبد من الثمن وأصل الاستحقاق لصاحب الدين المؤجل ثابت وإن
كانت المطالبة متأخرة إلى حلول الأجل واستحقاق الثمن بثبوت حقه من الدين في ذمته فكان ذلك بائعا سلامة جميع الثمن لصاحب الدين الحال فيدفع إليه نصف الثمن ويدفع النصف إلى المولى ; لأنه حق صاحب الدين المؤجل ولكن مطالبته به تتأخر إلى حلول الدين .
( ألا ترى ) أن قبل حلول المال لم يكن له سبيل على رقبته وكسبه فكذلك على بدل الرقبة .
وإذا لم يكن له سبيل كان المولى أحق به ; لأنه بدل ملكه وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله لا يتبع القاضي بحل الدين الآخر على العبد ويكون الثمن بينهما نصفين ; لأن الدين يتحول ببيع القاضي إلى الثمن والثمن عين لا يقبل الأجل فهو بمنزلة موت الحر ولكنا نقول الدين باق في ذمة العبد حتى إذا عتق كان للغريم أن يطالبه بجميع الدين إن شاء فيبقى الدين ببقاء الأجل في ذمته فإذا حل الدين الآخر أعطاه المولى ما في يده وإن هلك ذلك في يد المولى فلا ضمان عليه ; لأن حكم البدل حكم المبدل ، ولو
هلك العبد في يد المولى لم يكن على المولى فيه ضمان ويتبع صاحب الدين الغريم الأول فيأخذ منه نصف ما أخذه ; لأن ثمن العبد كان مشتركا بينهما فإنما يسلم له المقبوض بشرط سلامة الباقي للغريم الآخر ولم يسلم له ذلك ; فلهذا يأخذ منه نصف ما أخذ فإن لم يهلك ذلك ولكن هذا الغريم أبرأ من دينه أو وهبه فإن الأول يأخذ هذه الخمسمائة من المولى لتمام حقه ; لأنه كان مستحقا لجميع العين بدينه وإنما امتنع سلامة النصف له لمزاحمة الآخر وقد زالت مزاحمته بالإبراء ولأن نصف دين الأول باق على العبد فلا يجوز أن يسلم للمولى شيء من ثمن العبد مع قيام الدين عليه ، ولو لم يبرئه ولكن المولى نقد غريما له تلك الخمسمائة التي في يده فهو جائز ; لأنها مملوكة له وتصرفه فيها قبل حل الأجل كتصرفه في الرقبة فلا يمتنع نفوذه لحق صاحب الدين المؤجل ولكن إذا حل دينه ضمن المولى له تلك الخمسمائة ; لأنه فوت عليه محل حقه بتصرفه فإن تويت عليه رجع على الأول فيما قبض فيشاركه فيه ، ثم رجعا على الغريم الذي قضاه المولى بالخمسمائة التي اقتضاها ; لأنه حين رجع على الأول بنصف ما قبض ثبت للأول حق الرجوع في نصف ما بقي في يد المولى ونقض تصرف المولى فيه ، ثم يشارك فيه الغريم الآخر فلا يزال هكذا حتى يأتي على جميعه ; فلهذا كان لهما حق نقض تصرف المولى والرجوع على القابض بالخمسمائة التي قبضها من المولى
[ ص: 142 ]
ولو لم يبع القاضي العبد للغريم ولكن المولى باعه برضى صاحب الدين الحال فبيعه جائز ; لأن الراضي مسقط حقه في إبطال البيع ولا حق لصاحب الدين المؤجل في إبطال البيع ثم يعطي نصف الثمن صاحب الدين الحال ويسلم للمولى نصف الثمن فإذا حل الدين الآخر أخذ صاحبه من المولى نصف القيمة ولا سبيل له على الثمن ; لأن المولى مفوت عليه محل حقه وليس بمحول حقه إلى الثمن إذ ليس له ولاية تحويل حقه من محل إلى محل بخلاف الأول فهناك إنما باعه القاضي وللقاضي ولاية تحويل ولاية الحق من الرقبة إلى الثمن ; فلهذا كان المولى ضامنا نصف القيمة للثاني ههنا وما قبض من نصف الثمن فهو مال سالم له فإن
توي ما على المولى من نصف القيمة لم يرجع على الذي أخذ نصف الثمن بشيء ; لأن أصل الثمن ههنا ما كان مشتركا بينهما ولا شركة بينهما في أصل الدين فإن قيل لماذا لا يأخذ الأول جميع الثمن من المولى ؟ لم لم يكن للثاني شركة من الأول في الثمن ؟ قلنا ; لأن المولى ضامن للثاني نصف القيمة ولا بد من أن - يسلم ما هو عوض من ذلك النصف من الثمن للمولى ; فلهذا يعطي للأول نصف الثمن ولا يضمن للثاني إلا نصف القيمة ; لأن الأول استحق عليه نصف بدل المالية فمنع ذلك ثبوت حق الثاني في تضمين المولى جميع القيمة .