صفحة جزء
فإذا قتل المأذون عمدا ، وعليه دين أو لا دين عليه فعلى قاتله القصاص للمولى ; لأنه باق على ملكه بعد ما لحقه الدين ، ووجوب القصاص له باعتبار ملكه ، ولا شيء للغرماء ; لأن حقهم في ماليته ، وقد فات ولم يخلف بدلا ، فالقصاص ليس ببدل عن المالية ، وحقهم في محل تمكن إيفاء الدين من القصاص غير ممكن فإن صالح المولى القاتل من دمه على مال قليل أو كثير جاز ، وأخذه الغرماء بدينهم إن كان من جنسه ، وإن كان من غير جنسه بيع لهم ; لأن القصاص بدل العبد ، وقد كانوا أحق به ، وذلك يوجب كونهم أحق ببدله .

[ ص: 21 ] إلا أنه لم يكن البدل محلا صالحا ; لإيفاء حقهم منه ، فإذا وقع الصلح عنه على مال صار محلا صالحا ; لذلك فيثبت حقهم فيه بمنزلة الموصى له بالثلث ، والغريم لا يثبت حقه في القصاص فإن وقع الصلح عنه على مال ثبت حقه فيه ، ونفذ الصلح من المولى على أي قدر من البدل كان ; لأنه لا ضرر فيه على الغرماء بل فيه توفير المنفعة عليهم بتحصيل محل هو صالح ; لإيفاء حقهم منه ، ولو لم يقتل المأذون ، ولكن قتل عبدا له ، ولا دين على المأذون فعلى القاتل القصاص للمولى دون المأذون ; لأن كسبه خالص ملك المولى ، وولاية استيفاء القصاص باعتبار الملك ; ولأنه خرج بالقتل من أن يكون كسبا للعبد ; لأن كسبه مما يتمكن هو من التجارة فيه ، وذلك لا يتحقق في العبد المقتول ، ولا في القصاص الواجب فكأن المولى أخذه منه فيكون القصاص للمولى ، وإن كان على المأذون دين كثير أو قليل فلا قصاص على القاتل ، وإن اجتمع على ذلك المولى ، والغرماء ; لأن المولى ممنوع من استيفاء شيء من كسبه ما بقي الدين عليه قل الدين أو كثر ، فلا يتمكن هو من استيفاء القصاص بدلا عن كسبه ، والغرماء لا يتمكنون من ذلك ; لأن حقهم في المالية ، والقصاص ليس بمال فلانعدام المستوفي لا يجب القصاص ، وإذا لم يجب القصاص بأصل القتل لا يجب ، وإن اجتمعا على استيفائه ، وهو نظير عبد المضاربة إذا قتل وفي قيمته فضل على رأس المال لا يجب القصاص ، وإن اجتمع المضارب ورب المال على استيفائه ; لهذا المعنى وعلى القاتل قيمة المقتول في ماله في ثلاث سنين ; لأن القصاص لما لم يجب ; لاشتباه المستوفي وجب المال ، ووجوبه بنفس القتل فيكون مؤجلا في ثلاث سنين ، ولكنه في مال الجاني ; لأنه وجب بعمد محض فلا تعقله العاقلة إلا أن تبلغ القيمة عشرة آلاف فحينئذ ينقص منها عشرة ; لأن بدل نفس المملوك بالجناية لا يزيد على عشرة آلاف إلا عشرة ، ويكون ذلك لغرماء العبد ; لأنه بدل المقتول ، وهو محل صالح لإيفاء حقهم منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية