( قال رحمه الله ) : وإذا
كان العبد المأذون في يده مال ، وعليه دين فقال : هو مالي وقال مولاه : بل هو مالي فالقول قول العبد ; لأن يده في كسبه معتبرة لحق الغرماء ، والمولى ممنوع من أخذ ما في يده لحقهم .
فيكون المال في يده ككونه في يد غرمائه ; لأن انفكاك الحجر عنه بالإذن بمنزلة انفكاك الحجر عنه بالعتق أو بالكتابة إلا أن يده قبل أن يلحقه الدين ما كانت لازمة وبلحوق الدين إياه صارت لازمة فالمنازعة بينه ، وبين المولى فيما في يده كالمنازعة بين المولى ومكاتبه فيما في يده ، وإن
كان المال في يد المولى ، وفي يد العبد فهو بينهما نصفان ; لأن المولى من كسب عبده في هذه الحالة كأجنبي آخر ، وقد استويا في دعوى اليد ، والعين ظهرت في يديهما فكان بينهما نصفين فإن كان في يد المولى ويد العبد ويد أجنبي فادعاه كل واحد منهم فهو بينهم أثلاثا ; لأن يد العبد فيه كيد غريمه فتكون معارضة ليد المولى ويد الأجنبي في
[ ص: 45 ] المزاحمة ، وإن كان العبد لا دين عليه فالمال بين المولى والأجنبي نصفان ، ولا شيء للعبد فيه ; لأن ما في يد العبد ويد مولاه واحد إذا لم يكن عليه دين فإن كسبه خالص ملك مولاه ، ويده فيه كيد مولاه ، وفي حق الأجنبي ; لأن الحق لا يعدوهما فهو بمنزلة ما لو
تنازع اثنان في شيء ، وأحدهما ممسك له بيديه ، والآخر بيد واحدة فإنه يقضي بذلك نصفان هذا ، ولو كان ثوب في يد حر ، وعبد مأذون ، وكل واحد منهما يدعيه ومعظمه في يد أحدهما ، والآخر متعلق بطرفه فهو بينهما نصفان ; لأن الاستحقاق باعتبار اليد ويده على جزء من الثوب كيده على جميعه .
( ألا ترى ) أنه لو كان في يده طرف من الثوب ، وليس في يد الآخر منه شيء فتنازعا فيه كان ذو اليد أولى بجميعه ، سواء كان الطرف الذي في يده معظم الثوب أو شيئا يسيرا منه ، فإن كان أحدهما مئتزرا به مرتديا أو لابسا ، والآخر متعلقا به أو كانت دابة أحدهما راكب عليها ، والآخر متمسك باللجام فهي للراكب واللابس ; لأنه مستعمل للعين ، واليد بالاستعمال تثبت حقيقة دون التعليق به .
( ألا ترى ) أنه لا يتمكن من الركوب واللبس في العادة إلا صاحب اليد ، ويتمكن الخارج من التعلق به ; لأن الملبوس تبع للابس ، والمركوب تبع للراكب ; لأن قيامه به ، وكانت يده فيما هو تبع له من وجه أقوى من يد المتعلق به ، والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي .
ولو لم يكن هذا راكبها ، وكان الآخر متعلقا بها لا يستحق الترجيح بتعلقه بها ، ولو كان هذا راكبها ، ولم يكن الآخر متعلقا بها كان الراكب أولى ، فإذا كان لأحدهما سبب يستحق به عند الانفراد ، وليس للآخر مثله كان هو أولى .