( قال الشيخ الإمام الأجل الزاهد
شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله ) اعلم بأن
القتل بغير حق من أعظم الجنايات بعد الإشراك بالله تعالى قال الله تعالى :
[ ص: 59 ] {
من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } وقال النبي : عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81464ألا إن أعتى الناس ثلاثة : رجل قتل غير قاتل أبيه ورجل قتل قبل أن يدخل الجاهلية ورجل قتل في الحرم } ، وقال في خطبته
بعرفات {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81465ألا إن دماءكم ونفوسكم محرمة عليكم كحرمة يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81466ولما قتل محلم بن جثامة رجلا من أهل الجاهلية قال النبي عليه السلام : لا يرحم فدفن بعد موته فلفظته الأرض ثم دفن فلفظته الأرض فقال : أما إنها تقبل من هو أعظم جرما منه ولكن الله أراكم حرمة القتل } وفي قتل النفس إفساد العالم ونقض البنية .
ومثل هذا الفساد من أعظم الجنايات ، ومعلوم أن الجاني مأخوذ عن الجناية إلا أنه لو وقع الاقتصار على الزجر بالوعيد في الآخرة ما انزجر إلا أقل القليل ، فإن أكثر الناس إنما ينزجرون مخافة العاجلة بالعقوبة ، وذلك بما يكون متلفا للجاني أو مجحفا به
فشرع الله القصاص والدية لتحقق معنى الزجر .
وهذا الكتاب لبيان ذلك وقد سماه
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله كتاب الديات ; لأن وجوب الدية بالقتل أعم من وجوب القصاص فإن الدية تجب في الخطأ ، وفي شبه العمد ، وفي العمد عند تمكن الشبهة ، وكذلك الدية تتنوع أنواعا ، والقصاص لا يتنوع فلهذا رجح جانب الدية في نسبة الكتاب إليها واشتقاق الدية من الأداء ; لأنها مال مودى في مقابلة متلف ليس بمال وهو النفس ، والأرش الواجب في الجناية على ما دون النفس مؤدى أيضا .
وكذلك القيمة الواجبة في سائر المتلفات إلا أن الدية اسم خاص في بدل النفس ; لأن أهل اللغة لا يطردون الاشتقاق في جميع مواضعه ; لقصد التخصيص بالتعريف ، وسمي بدل النفس عقلا أيضا ; لأنهم كانوا اعتادوا ذلك من الإبل فكانوا يأتون بالإبل ليلا إلى فناء أولياء المقتول فتصبح أولياء القتيل ، والإبل معقولة بفنائهم فلهذا سموه عقلا .