صفحة جزء
وإذا سمع القاضي شهادة الشهود ، وكتب بها إلى قاض آخر فلم يخرج الكتاب من يده حتى حضر المدعى عليه لم يحكم بذلك ; لأن سماعه الأول كان للنقل فلا يستفيد به ولاية القضاء كشاهد الفرع إذا استقصى بعدما شهد الأصليان عنده ، وأشهداه على شهادتهما لم يجز له أن يقضي بذلك ; وهذا لأن جواز القضاء بالبينة والذي سمع شهادة لا بينة فالبينة ما يحصل البيان بها ، ولا يكون ذلك إلا بمحضر من الخصم بعد إنكاره أو سكوته القائم مقام إنكاره فإن أعاد المدعي تلك البينة بمحضر من الخصم فالآن يقضي له بها ; لأن شرط قبول البينة للقضاء إنكار الخصم ، وقد وجد ذلك حين أعادها وما تقدم من الأداء وجوده كعدمه ، وإذا وصل الكتاب إلى المكتوب إليه وقرأه بحضرة الخصم وشهد الشهود على الختم وما فيه ، وهو مما يختلف فيه الفقهاء لم ينفذه المكتوب إليه إلا أن يكون من رأيه .

لأن الأول لم يحكم به ، وإنما نقل الشهادة بكتابه إلى مجلسه فلا يحكم به إلا إذا كان ذلك من رأيه كما إذا شهد الفروع عنده على شهادة الأصول ، وهذا بخلاف ما إذا كان الأول قد قضى به ، وأعطى الخصم سجلا فالثاني ينفذ ذلك ، وإن لم يكن من رأيه ; لأن قضاء القاضي في المجتهدات نافذ .

( ألا ترى ) أنه ليس للأول أن يبطل قضاءه ، وإن تحول رأيه فكذلك ليس للثاني أن يبطل ذلك فأما في الكتاب الأول ما قضى بشيء .

( ألا ترى ) أن له أن يبطل كتابه قبل أن يبعث به إلى الثاني ، وإن الخصم لو حضر مجلسه لم يلزمه من ذلك شيء فكذلك الثاني لا ينفذ كتابه إلا أن يكون ذلك من رأيه

التالي السابق


الخدمات العلمية