صفحة جزء
وإذا وجب القصاص على رجل فقتله ولي الدم بسيف ، أو عصا ، أو وقع في بئر حفرها في الطريق أو عثر بحجر وضعه في الطريق لم يكن عليه في ذلك شيء ; لأن دم من عليه القصاص في حق من له القصاص كالمباح فإن الدم لا يملك ، وإنما يتمكن من استيفاء القصاص بطريق الإباحة وذلك يمنع وجوب الضمان عليه إذا صار قاتلا له بالمباشرة ، أو بالسبب ، يوضحه أن هذا بمنزلة استيفاء القصاص منه ، وإن لم يكن بطريقه ; لأن استيفاء القصاص بفعل يتصل به زهوق الروح ، وقد وجد ذلك منه بطريق التسبب ، أو بطريق المباشرة .

فإن كان له وليان فعفا أحدهما ، ثم أصابه هذا الأحد بعد العفو فعلى عاقلته الدية في جميع ذلك إلا بالسيف فإنها في ماله ; لأن القود سقط بعفو أحدهما وصار في حكم القتل الموجب للمال عليه كأن ما سبق لم يكن ، فإذا أخذ الدية أولياء القتيل خطأ رجع هذا القاتل خطأ بنصف الدية التي أخذها أولياء المقتول خطأ ; لأنه بعفو شريكه انقلب نصيبه مالا وكان ذلك في ذمة القاتل وبدل نفسه بمنزلة تركته فيستوفى منه ما كان واجبا له في ذمته ولا مقاصة هاهنا لاختلاف المحل ، فإن بدل نفسه على عاقلة ولي الدم [ ص: 164 ] الذي لم يعف ، ولو قتله غير الولي بغير أمر الولي عمدا ، أو خطأ بطل دم الأول ولا شيء لوليه ويكون على القاتل الآخر القصاص في العمد ، والدية على عاقلته في الخطأ ; لأن حرمة نفسه في حق غير الولي قائمة كما كانت وسقط حق المولى لفوات محله .

وقد بينا أن الثابت في حقه إباحة الاستيفاء أو الملك في حق الاستيفاء خاصة وذلك لا يتحول إلى البدل كملك الزوج في زوجته لا يثبت فيه البدل إذا وطئت بالشبهة ، وإذا قتله فقال الولي أنا كنت أمرته ، فإن أقام بينة على هذا فلا شيء على القاتل الثاني ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ، فإن لم يكن له بينة فعليه القصاص في العمد ، والدية على عاقلته في الخطأ ; لأنه أقر بما لا يملك استيفاءه ; لأن حقه قد سقط لفوات المحل ، فهو فيما يدعي بعد ذلك كأجنبي آخر ، وبدل نفس المقتول الثاني واجب لورثته لا قول لولي الأول في إسقاط حقهم قصاصا كان ، أو مالا والله أعلم بالصواب

التالي السابق


الخدمات العلمية