قال : وإذا
جنى العبد جناية فاختار المولى إمساك عبده وليس عنده ما يؤدي وكان ذلك عند قاض أو عند غير قاض فالعبد عبده والأرش دين عليه في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : إن أدى الدية مكانه وإلا دفع العبد إلا أن يرضى الأولياء أن يتبعوه بالدية على ما قال فإن رضوا بذلك لم يكن لهم بعد ذلك أن يرجعوا في العبد . وجه قولهما أن نفس صاحب العبد صار حقا لمولى الجناية إلا أن المولى يتمكن من تحويل حقهم من العبد إلى الأرش باختياره الفداء فإذا أعطاهم الأرش كان هذا تحويلا لحقهم من محل إلى محل فيه وفاء بحقهم فيكون صحيحا منه وإذا كان مفلسا كان هذا منه إبطالا لحقهم لا تحويلا من محل إلى محل يعد له فيكون ذلك باطلا من المولى وهذا لأن ثبوت الخيار للمولى كان على وجه النظر من الشرع وإنما يثبت على وجه لا يتضرر به صاحب الحق .
فإذا آل الأمر إلى الضرر كان باطلا بمنزلة المحتال عليه إذا مات مفلسا فإن الدين يعود إلى ذمة المحيل لأنه حول حقه من ذمته إلى ذمة المحتال عليه بشرط أن يسلم له فإذا لم يسلم عاد كما كان وفي بيع المعاوضة إذا هلك أحد العوضين قبل القبض بطل العقد في الآخر لأن صاحبه حول حقه إلى العوض الآخر بشرط أن يسلم له فإذا لم يسلم عاد كما كان وكذلك في البيع والآخر بالشفعة إن سلم الثمن كان له أن يأخذ الدار وإن عجز عن ذلك لم يكن له أن يأخذها إلا أن يرضى البائع والمشتري في فصل الشفعة بالتسليم فهاهنا أيضا إن رضي المولى كان مسقطا حقه في العبد وإن أبى كان له أن يأخذ العبد
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول بجناية العبد يخير المولى بين الدفع والفداء والمخير بين اثنين إذا اختار أحدهما تعين ذلك واجبا من الأصل كالمكفر إذا اختار أحد الأنواع الثلاثة فهاهنا باختياره تبين أن الواجب هو الدية في ذمة المولى من الأصل وأن العبد فارغ من الجناية فلا يكون لأولياء الجناية عليه سبيل .
يوضحه أن من ثبت له الخيار شرعا يستبد بالخيار من غير أن يحتاج إلى رضا صاحبه ولو
[ ص: 37 ] رضي الأولياء أن يتبعوا بالدية لم يبق لهم حق في العبد فكذلك إذا اختار المولى ذلك في حال ما ثبت له الخيار شرعا وقيل : إن هذه المسألة في الحقيقة تبنى على اختلافهم في التفليس وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة التفليس ليس بشيء والمال غاد ورائح وهذا التصرف من المولى يكون تحويلا لحق الأولياء إلى ذمته لا إبطالا وعندهما التفليس معتبر والمال في ذمة المفلس يكون تأويا فيكون هذا الاختيار من المولى إبطالا لحق الأولياء وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن اختيار المولى هاهنا معتبر حتى لا يكون لأولياء الجناية حق تملك العبد بالأخذ بعد هذا الاختيار ولكن يباع العبد فيه فيدفع ثمنه إلى الأولياء من حساب الدية التي على المولى وهو بناء على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في الحجر بسبب الدين فإنه يقول : القاضي يحجر على المديون ويبيع عليه ماله وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لا يفعل ذلك وقد بينا هذا في كتاب الحجر .