صفحة جزء
وإن كان لأهل الذمة عواقل معروفة يتعاقلون بها فقتل أحدهم قتيلا خطأ فديته على عواقلهم بمنزلة المسلم ; لأنهم التزموا أحكام الإسلام في المعاملات ومعنى التناصر الذي يبنى عليه العقل يوجد في حقهم كما يوجد في حق المسلمين ، وإن لم يكن لهم عاقلة معروفة يتعاقلون بها فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه لما بينا أن أصل الوجوب على القاتل ، وإنما يتحول عنه إلى العاقلة إذا وجدت ، فإذا لم توجد بقيت عليه بمنزلة مسلم في دار الحرب قتل مسلما خطأ وهما أجنبيان منها ، فإنه يقضى بالدية عليه في ماله ; لأن من يكون في دار الحرب فأهل دار الإسلام لا يعقلون عنه وتمكنه من هذا الفعل لم يكن بنصرتهم ولا يعقل مسلم عن كافر ولا كافر عن مسلم والكفار يتعاقلون فيما بينهم ، وإن اختلفت ملتهم ; لأن التعاقل ينبني على الموالاة والتناصر وذلك ينعدم عند اختلاف الملة قال الله تعالى { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } وقال { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } ، فلما انقطعت الموالاة بين من هاجر ، ومن لم يهاجر حين كانت الهجرة فريضة كان ذلك قطعا للموالاة بين الكفار والمسلمين وحكم الميراث والنفقة يؤيد ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية