( قال ) : وإن
كان المديون غنيا فوهب له ما عليه بعد وجوب الزكاة قال في الجامع : يضمن مقدار الزكاة للفقراء ، وقال في نوادر الزكاة : لا يضمن شيئا ; لأن وجوب الأداء ينبني على القبض وهو لم يقبض شيئا ، وفي رواية الجامع ، قال : صار مستهلكا حق الفقراء بما صنع فهو كما لو وجبت الزكاة
[ ص: 204 ] عليه في مال عين فوهبه لغني ، وهذا أصح ; لأنه بتصرفه يجعل قابضا حكما كالمشتري إذا أعتق العبد المشترى قبل القبض يصير قابضا . وأما مال المضاربة فعلى رب المال زكاة رأس المال ، وحصته من الربح ، وعلى المضارب زكاة حصته من الربح إذا وصلت يده إليه إن كان نصابا أو كان له من المال ما يتم به النصاب عندنا .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي رحمه الله تعالى ثلاثة أقاويل في نصيب المضارب : قول مثل قولنا ، وقول إن زكاة ذلك على رب المال ; لأنه موقوف لحقه حتى لا يظهر الربح ما لم يصل إليه رأس المال ، ولأن الربح تبع ، وزكاة الأصل عليه فكذلك التبع ، وقول آخر إنه لا زكاة في نصيب المضارب على أحد ; لأنه متردد بينه وبين رب المال يسلم له إن بقي كله ويكون لرب المال إن هلك بعضه فهو نظير كسب المكاتب فليس فيه زكاة على أحد ; لأنه متردد بينه وبين المولى ، وفي الحقيقة هذه المسألة بناء على أصله أن استحقاق المضارب الربح بطريق الجعالة لا بطريق الشركة ; إذ ليس له رأس مال ولا بطريق الأجرة ; لأن عمله غير معلوم عند العقد ، والجعالة لا تملك إلا بالقبض كالعمالة لعامل الصدقات .
( ولنا ) أن المضارب شريكه في الربح فكما يملك رب المال نصيبه من الربح في حكم الزكاة فكذلك المضارب ; لأن مطلق الشركة يقتضي المساواة ، وبيان الوصف أن رأس ماله العمل ورأس مال الثاني المال والربح يحصل بهما فقد تحققت الشركة ، وقد نصا في العقد على هذا وتنصيصهما معتبر بالإجماع ، والدليل عليه أن المضارب يملك المطالبة بالقسمة ويتميز به نصيبه ولا حكم للشركة إلا هذا ، واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى بما لو
اشترى بألف المضاربة عبدين كل واحد منهما يساوي ألفا فإنه لا شيء على المضارب هنا ، والربح موجود ولكنا نقول عند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله تعالى : تجب عليه الزكاة في نصيبه ، وكذلك عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله تعالى - ; لأنهما يريان قسمة الرقيق . أما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى فلا يرى قسمة الرقيق فكل واحد من العبدين في حق المضارب مشغول برأس المال كأنه ليس معه غيره فلا يظهر الربح حتى إن في حق رب المال لما كانا كشيء واحد كان عليه زكاة رأس المال وحصته من الربح