قال : وإذا
كان للميت ابنان وعبدان لا مال له غيرهما قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة فأقر أحد الابنين أن أباهما أعتق هذا بعينه في مرضه وأقر الآخر أنه أعتق أحدهما لا يدري أيهما هو فإن الذي أقر له بعينه يعتق منه ثلثا نصيبه ، ويسعى له في الثلث الآخر في نصف قيمته ويعتق من نصيب الآخر الثلث منهما جميعا ويسعيان له في ثلثي نصيبه ; لأن كل واحد من العبدين صار مشتركا بينهما نصفين والعتق في المرض وصية فالذي أقر بالعتق لأحدهما بعينه فقد أقر أنه عتق منه بقدر الثلث من مال الميت ، وذلك ثلثا رقبته ، وإقراره نافذ في نصيبه غير نافذ في نصيب شريكه فيعتق ثلثا نصيب ويسعى له في ثلث نصيبه والنصف من الآخر مملوك له وقد تعذر عليه استدامة الرق بإقرار شريكه فيسعى له الآخر في نصف قيمته وقد أقر الآخر بالثلث مبهما ; لأن العتق المبهم بالموت يشيع فيهما فينفذ إقراره في نصيبه مبهما فيعتق ثلث نصيبه من كل واحد منهما ويسعى كل واحد منهما له في ثلثي نصيبه .
وإن
أقر أحدهما أنه أعتق هذا بعينه وأقر الآخر أنه أعتق هذا بعينه سعى كل واحد منهما للذي أقر له في ثلث نصيبه منه ، وللذي أنكر عتقه في جميع نصيبه منه ; لأن إقراره حجة عليه دون صاحبه ، وقد تعذر استدامة الرق في نصيبه من الآخر بإقرار صاحبه .
ولو
قال أحدهما : أعتق أحدهما في مرضه ، ولا يدري أيهما هو ، وأنكر الآخر عتق من نصيب المقر من كل واحد منهما ثلث نصيبه لإقراره والثلث لهما ويسعى كل واحد منهما للآخر في نصيبه كاملا لإنكاره عتقهما جميعا .
ولو شهدا أنه أعتق هذا بعينه وقال أحدهما أعتق هذا الآخر أيضا
[ ص: 78 ] عتق ثلثا الذي شهدا له ويسعى الآخر في جميع قيمته لهما ; لأن الذي شهدا له أولى بالثلث من الآخر فإن شهادتهما له حجة بمنزلة شهادة غيرهما .
ولو
شهد أجنبيان بالعتق لأحدهما كان هو أولى بالثلث من الذي أقر له الوارث ; لأن رق الآخر يفسد بإقرار أحدهما بعتقه ، ولم يبق من الثلث شيء فتلزمه السعاية في جميع قيمته لهما .
ولو
شهد أحدهما أنه أعتق هذا بعينه في صحته وشهد الآخر أنه أعتق هذا الآخر في مرضه عتق نصيب الشاهد من الذي شهد له في الصحة ; لأن العتق في الصحة من جميع المال فهو مقر بحريته ، وإقراره حجة عليه في نصيبه ويسعى للآخر في نصف قيمته لإنكاره عتقه ويعتق ثلثا نصيب الذي شهد له في المرض من الذي شهد له ويسعى له في ثلث نصيبه ولأخيه في جميع نصيبه ; لأنه أقر بالثلث لهذا الآخر ، وإقراره في نصيبه صحيح ، وفي زعمه أن شريكه صار متلفا لنصيبه من الآخر فيكون ذلك محسوبا عليه ، وأن مال الميت رقبتان فالثلث منه ثلثا رقبة ; فلهذا يعتق ثلثا نصيبه والله أعلم بالصواب