[ ص: 133 ] باب الوصية بالعتق والمحاباة
( قال رحمه الله ) : وإذا
باع الرجل في مرضه عبدا من رجل بألف درهم ، وقيمته ألفان ثم أعتق عبدا له آخر يساوي ألف درهم ، ولا مال له غيره فالمحاباة أولى من العتق في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقد بينا هذه المسألة في الوصايا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله للمحاباة قوة من حيث السبب ، وهو أن سببه عقد الضمان ، وللعتق قوة من حيث الحكم ، وهو أنه لا يحتمل الرد فإذا بدأ بالمحاباة كانت مقدمة في الثلث ، وإذا بدأ بالعتق تحاصا فيه ، وعند
أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد العتق أولى على كل حال فعندهما يعتق العبد مجانا ; لأن قيمته بقدر الثلث فيخير المشتري فإن شاء نقض البيع ، ورد العبد لما لزمه من الزيادة في الثمن ، ولم يرض به ، وإن شاء نقض العقد ، وأدى كمال قيمة العبد ألفي درهم ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة المحاباة أولى ; لأنه بدأ بها فيسلم العبد للمشتري بالألف ، ولم يبق من الثلث شيء ; لأن العتق لا يمكن رده فيسعى العبد في قيمته للورثة فإن كان قيمة المعتق ألفا وخمسمائة فعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يبدأ بالمحاباة كما بينا ثم يسلم للمعتق باقي الثلث من قيمته ، وهو مائة وستة وستون وثلثان ; لأن جملة المال ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وقد سلم للمشتري بالمحاباة مقدار ذلك ألف فيسلم للعبد ما بقي من الثلث ،
وعندهما العتق مقدم فيسلم للعبد مقدار الثلث ، ويسعى فيما بقي ، وهو ثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، ويخير المشتري كما بينا فإن مات العبد قبل أن يؤدي شيئا فالمشتري بالخيار في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله إن شاء أخذ العبد بألف وثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث ، وإن شاء نقض البيع ; لأن العبد ما كان يسلم له من الوصية شيء قبل سلامة المحاباة للمشتري ، وقد هلك فصار كأن لم يكن ، وإنما المال في الحاصل ألف درهم فيسلم للمشتري من المحاباة بقدر ثلث المال وثلث الألفين ثلثا ألف فعليه أن يؤدي ما زاد على ذلك ، ويتخير ; لأنه لزمه زيادة في الثمن ، ولم يرض بالالتزام .
وعند
أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله العتق مقدم فالعبد فيما مر مستوف لوصيته ، ويتخير المشتري بين أن يغرم كمال قيمة العبد المعتق ألف درهم ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله يتحاصان في الثلث ، والمحاباة مثل قيمة العبد فيكون الثلث بينهما نصفين فيعتق نصف العبد ، ويسعى في نصف قيمته ، ويأخذ المشتري عبده بألف وخمسمائة ; لأن السالم له من المحاباة بقدر نصف الثلث ، ويخير المشتري لما لزمه من الزيادة في الثمن فإن اختار فسخ البيع عتق العبد كله ، وبطلت عنه السعاية ; لأن الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع فتبطل ببطلان البيع ، وببطلانها ينعدم مزاحمة المشتري مع العبد في الثلث فيعتق العبد كله من الثلث ، وإن
اختار المشتري أخذ العبد بألف وخمسمائة ثم مات [ ص: 134 ] العبد المعتق قبل أن يؤدي شيئا فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ العبد بألف وستمائة ، وإن شاء تركه ; لأن العبد مات مستوفيا لوصيته ، وتوى ما عليه من السعاية ، وذلك خمسمائة فيكون ضرر التوى على المشتري ، وعلى الورثة بعد حقهما خمسه على المشتري ، وذلك مائة درهم ونصف ، وإن شئت قلت الباقي ، وهو ألفا درهم مقسوم بين المشتري والورثة أخماسا ; لأن المشتري يضرب فيه بنصف الثلث ، والورثة بالثلثين فإنما يسلم للمشتري بالمحاباة خمس ذلك ، وهو أربعمائة فعليه أن يؤدي ألفا وستمائة ، وقد تبين أن السالم للعبد الميت مثل ذلك ، وهو أربعمائة فيكون جملة ذلك ألفين وأربعمائة نفذنا الوصية لهما في ثلث ذلك ، وهو ثمانمائة لكل واحد منهما في أربعمائة ، ولو أعتق ثم حابى ثم أعتق تخلص المعتق الأول ، والمشتري في الثلث ; لأن العتق الثاني انفرد عن المحاباة فلا يزاحمهما ، والعتق الأول مقدم على المحاباة فيزاحمهما في الثلث ثم ما أصاب المعتق الأول يشاركه فيه المعتق الآخر للمجانسة ، والمساواة بينهما ، وإذا كان الثاني محجوبا بصاحب المحاباة فإذا استوفى هو حقه خرج من البين فإن قيل كيف يستقيم هذا ، ولم يصل إلى صاحب المحاباة كمال حقه فما يأخذه صاحب العتق الثاني يسترده منه صاحب المحاباة ; لأن حقه مقدم على حقه قلنا لا كذلك فإنه لو استرد ذلك منه المعتق الأول لكان حقهما في الثلث سواء ثم يؤدي إلى وقت لا ينقطع ، والسبيل في الدور أن يقطع فإن نقض صاحب المحاباة البيع لما لزمه من زيادة الثمن كان الثلث بين المعتق نصفين لاستواء حقهما فإن عند المجانسة المتقدم والمتأخر سواء ; لأنهما قد جمعهما حالة واحدة ، وهي حالة المرض .