ولو
أقر رجل بامرأة وابنة وأم وأخت لأب فصدقته كل واحدة منهن في نفسها وكذبته في البقية ثم مات فللمرأة الثمن ، والباقي للابنة خاصة ; لأن إقرار الرجل بالمرأة والابنة صحيح فالتحقتا بالمعروفتين ، فللمرأة الثمن ، والباقي للابنة بالفرض والرد ولا شيء للأم ، والأخت ; لأن الابنة بعد ثبوت نسبها مستحقة لجميع المال ، وإذا
أقر بابن ابن أو بأخ له من أبيه وأمه ثم قتل عمدا ، فليس للمقر به في القود قول ولكنه إلى الإمام ; لأن المقر له بمنزلة الموصى له ، والموصى له بالمال لا حق له في القود ولأن إقراره إنما يعتبر فيما يملك الإنشاء به ، وهو لا يملك الإنشاء في القصاص .
( ألا ترى ) أنه لو أوفى بذمة لرجل لم يكن له أن يقبض منه . فكذلك إذا أقر له بنسب لا يثبت ذلك النسب بإقراره ، ولكن الرأي إلى الإمام فإن شاء استوفى القصاص ، وإن شاء صالح القاتل على الدية ، فإن صالحه على
[ ص: 21 ] ذلك فالدية للمقر به ; لأن حق الموصى له يثبت في الذمة كما يثبت في سائر الأقواد ، فكذلك في حق المقر به ، ولو كان المقتول أقر ببعض من يثبت نسبه منه بإقراره كان القود للمقر به ، وإذا صدقه بنسبه في حياته أو بعد موته ; لأن النسب الثابت بإقراره كالثابت بالمعاينة ، ولو كان أقر بامرأة ثم مات ، فالقود إليها وإلى الإمام ; لأن إقراره بالزوجية صحيح فتلتحق بامرأة معروفة ، فيكون لها ربع القود ، والباقي للإمام إن شاء استوفيا ، وإن شاء صالحا على الذمة أو أكثر منها ، فإن صالحا على الأقل من الذمة كان ربع ذلك لها ; لأن صلحها صحيح في نصيبها ، وأما الثلاثة أرباع فيصالح الإمام فيه على أقل من ثلاثة أرباع الدية ، وإذا
مات الرجل وترك أخا لأب وأم فأقر الأخ في حياته أو موته بابنة ابن ابن الميت ، ثم أنكرها في حياته أو بعد موته فهو سواء فيأخذ منه نصف المال ; لأنه أقر لها بنصف ميراثه ، وذلك ملزم إياه ولا يعتبر إنكاره بعد ذلك ، فإن أعطاها نصف المال ثم أقر بابنة ابن الميت ، فإن دفع إلى الأولى بغير قضاء دفع إلى هذه نصف جميع المال ; لأنه أقر أنها مستحقة لنصف المال دون الأولى ، وما دفعه بغير قضاء محسوب عليه من نصيبه فيجعل كالقائم في يده ، ولو كان دفع إلى تلك بقضاء دفع إلى هذه ثلاثة أخماس ما بقي في يده ; لأن الميت بزعمه خلف ابنة ابن وابنة ابن ابن وأخا : فلابنة الابن النصف ثلاثة وللأخرى السدس ، والباقي ، وهو سهمان للأخ وما دفعه إلى الأولى زيادة على حقها بقضاء قاض لا يكون محسوبا عليه فيجعل ذلك كالتاوي فتضرب الثانية فيما بقي بثلثه ، وهو سهمان ; فلهذا يعطيها ثلاثة أخماس ما بقي في يده ; لأنه زعم أنها هي المستحقة للنصف ، وأن للأخ ما بقي بعد السدس ، وإذا
قتل الرجل عمدا وله أخ لأب وأم فأقر الأخ بابنة للمقتول ، فإنه هو الخصم في الدية يقبل منه البينة ويحضر معه الابنة التي أقر بها .
فإذا قضى القاضي بالدم تركا جميعا القتل أو أمرا من يقتل بحضرتهما ولا يقتل حتى يحضرا ; لأن العفو من كل واحد منهما صحيح في نصيبه باعتبار زعم صاحبه فلا يقتل إلا بحضرتهما ، فأما الإثبات بالبينة صحيح من الأخ ، وإن لم يحضر البينة إلا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وهو بناء على التوكيل بإثبات القول ، وقد تقدم بيان الخلاف فيه في كتاب الوكالة ، ولو كان الأخ أقر بابن للميت ، فإن القاضي لا يقبل أيضا البينة حتى يحضر الابن ، والأخ جميعا ; لأن الأخ هو المستحق للدم في الحكم ، وقد زعم الأخ أن المستحق هو الابن ، فلا بد من أن يحضرا جميعا لإثبات القود بالبينة ، ثم إما أن يتوليا قتله أو بأمر أحدهما صاحبه فيقتله بحضرة الآخر