ص ( فصل سن لعيد ركعتان لمأمور الجمعة )
ش : هذا الفصل يذكر فيه صلاة العيدين والعيد مشتق من العود وهو الرجوع والتكرر ; لأنه متكرر في أوقاته ، ورده بعضهم بأن أيام الأسبوع ويوم عاشوراء وشهر رمضان تشاركه في ذلك .
(
قلت ) ولا يلزم اطراد وجه التسمية وقال القاضي
عياض : لعوده بالفرح والسرور على الناس وقيل : تفاؤلا بأن يعود من أدركه من الناس .
والمشهور المعروف من المذهب أنها سنة وقيل : فرض كفاية وقال
ابن عرفة : قول
ابن عبد السلام اختار بعض الأندلسيين أنها فرض كفاية لا أعرفه إلا لنقل
nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري عن بعض الشافعية وقول
ابن بشير : لا يبعد كونها فرض كفاية ; لأنها إظهار لأبهة الإسلام ، وقول
ابن حارث عن
ابن حبيب هي واجبة على كل من عقل الصلاة من النساء والعبيد والمسافرين إلا أنه لا خطبة عليهم ظاهر في وجوبها ، والإجماع يمنعه ; إذ هو قول الحنفي إلا أنه مناقض لقوله أول الباب اتفقوا على أنها لا تجب على النساء ولا على أهل القرى البعيدة عن الحواضر انتهى .
(
قلت ) ما ذكره
ابن عبد السلام صحيح نقله
ابن رشد في المقدمات ونصه : وأما السنة فخمس صلوات سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر وصلاة الخوف والاستسقاء والعيدان وقد قيل في صلاة العيدين : إنهما واجبتان بالسنة على الكفاية وإلى هذا كان يذهب شيخنا الفقيه
ابن رزق - رحمه الله تعالى - والأول هو المشهور المعروف أنهما سنتان على الأعيان انتهى .
وقول
ابن ناجي في شرح المدونة : إن كلام
ابن رشد إنما يقتضي الخلاف هل هما سنتان على الأعيان أو سنتان على الكفاية لا أنهما فرض كفاية - بعيد وقد ذكر أنه عرضه على شيخه
أبي مهدي فلم يقبله منه وذلك ظاهر والله أعلم .
ص ( لمأمور الجمعة )
ش : يعني أن
[ ص: 190 ] صلاة العيدين إنما هي سنة في حق من يؤمر بالجمعة يريد وجوبا وأما من لا تجب عليه الجمعة من أهل القرى الصغار والمسافرين والنساء والعبيد ومن عقل الصلاة من الصبيان فليست في حقهم سنة ولكنه يستحب لهم إقامتها كما سيأتي عند قوله : وإقامة من لم يؤمر بها .
( فرع ) قال في النوادر ولو تركوا الجمعة وهي عليهم فعليهم أن يصلوا العيد بخطبة وجماعة انتهى .
ودخل في قوله : لمأمور الجمعة من كان على ثلاثة أميال ، قال في النوادر
وينزل إليها من على ثلاثة أميال انتهى .
وخرج منه الحاج
بمنى إلا أنه قد يتوهم دخوله في قوله بعد ذلك وإقامة من لم يؤمر بها وهي لا تشرع للحاج
بمنى قال
ابن الحاج في مناسكه : مسألة قال
ابن حبيب : وليس على الحاج بمنى صلاة العيد يوم النحر كما يصلي أهل الآفاق ، وإنما صلاتهم في ذلك اليوم وقوفهم
بالمشعر الحرام كذلك حدثني
ابن المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه قال : صلاتهم يوم النحر وقوفهم بالمشعر الحرام انتهى .
وقال في النوادر في باب صلاة العيدين قال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ولا أرى لأهل
منى المقيمين بها ممن لم يحج أن يطول العيد في جماعة لبدعة ذلك
بمنى ولو صلاها مصل لنفسه لم أر به بأسا انتهى .
وقال في كتاب الحج قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وعلى أهل
مكة صلاة العيد وليس ذلك على أهل
منى انتهى .
وقال
ابن جماعة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في منسكه : ومذهب المالكية أن
الأضحية لا تشرع للحاج بمنى كصلاة العيد انتهى .
( وقال )
المصنف في التوضيح في شرح قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في أواخر كتاب الحج ولا يجزي نحر الهدي إلا نهارا بعد الفجر في أيام النحر
بمنى ولو قبل الإمام وقبل الشمس بخلاف الأضحية ما نصه : وقت الرمي يدخل بطلوع الفجر .
قوله : ولو قبل الإمام إلى آخره ظاهر ; لأن الإمام في العيد لما كان يصلي بالناس ناسب أن يتوقف الذبح على ذبحه بخلاف الحج إلا صلاة عيد عليهم انتهى .
وقال
سند في باب
جمرة العقبة في مسألة من ذبح قبل الفجر ما نصه : وقت الرمي يدخل بطلوع الفجر وكذلك الذبح إلا أن الرمي يستحب ضحوة فكذلك الذبح .
ويخالف الهدي الأضحية ; لأنها تتعلق بصلاة العيد ولا تصلى العيد حتى تطلع الشمس بخلاف الهدي ولا عيد على أهل
منى انتهى .
وقال في آخر باب الهدي : والضحايا متعلقة بصلاة العيد والحاج ليس من أهل صلاة العيد انتهى .
فعلم من هذه النصوص أن صلاة العيد لا تشرع للحاج
بمنى لا سنة ولا استحبابا انتهى . والله أعلم .
( تنبيهان الأول ) قال في أول رسم من سماع
ابن القاسم من كتاب الصلاة : لا يجوز على مذهب
ابن القاسم وروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن يؤم العبد ولا المسافر في الجمعة ولا في العيد ولا أن يستخلفهما الإمام فيهما بعد إحرامهما ; لأن صلاة العيد لا تجب عليهما كما لا تجب عليهما الجمعة انتهى .
يعني بقوله : لا تجب عليهما أي ; لأنهما لا يؤمران بهما على جهة السنية ، وإنما يستحب لهم ذلك كما سيأتي وتقدم حكم إمامتهما في الكلام على الجمعة والله أعلم .
( الثاني ) قال في رسم المحرم من سماع
ابن القاسم من كتاب الصلاة وسئل عن
الرجل يسافر بعد الفجر يوم العيد قبل أن يصلي قال : لا يعجبني ذلك إلا أن يكون له عذر فقيل : له فما العذر ؟ قال : غير شيء واحد .
قال
ابن رشد : معنى ما تكلم عليه أنه يسافر بعد الفجر قبل طلوع الشمس فكره ذلك له إلا من عذر إذا لم يجب عليه الخروج لشهود العيد بعد ، ولو طلعت عليه الشمس وحانت الصلاة لما جاز له أن يخرج لسفر ويدع الخروج لشهود صلاة العيد انتهى بلفظه .
ونقله
ابن عرفة بمعناه ولفظه وسمع
ابن القاسم : لا يعجبني السفر بعد فجر يوم العيد قبل صلاته إلا لعذر
ابن رشد : لو طلعت الشمس حرم سفره انتهى .
قال
ابن ناجي في شرح المدونة
قلت الصواب حمل الرواية على ظاهرها لأن صلاة العيد سنة والجمعة فرض انتهى .
(
قلت ) وهذا هو الظاهر وما ذكره
ابن رشد يقتضي إثم من تركها لغير عذر يبيح التخلف عن الجمع ، ولم أر
[ ص: 191 ] من قاله والله أعلم .