( الخامس ) أما
الماء الجاري فحكمه كالكثير قاله
المازري وأطلق وهكذا نقلها
ابن عرفة عنه وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد في اللباب : وأما الماء الجاري فحكمه كالكثير قاله في المدونة وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إذا كان المجموع كثيرا والجرية لا انفكاك لها ومراده جميع ما في الجرية واحترز بعدم الانفكاك عن ميزاب السانية انتهى .
(
قلت ) : في عزوه للمدونة نظر لأني لم أقف عليه فيها ولا على من عزاه لها ولم يعزه
ابن عرفة إلا
للمازري [ ص: 73 ] كما تقدم ولصاحب الكافي وله عزاه في التوضيح كما سيأتي وقوله مراد
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب بالمجموع جميع ما في الجرية كذا فسر
ابن عبد السلام كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ولكنه اعترضه وقال : الحق أنه يعتبر من محل سقوط النجاسة إلى منتهى الجرية لأن ما قبل محل السقوط غير مخالط قال
ابن عرفة دعواه أن عزو
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب يعني من أصل الجري وهم لما ذكر من أنه غير مخالط قال
الأبي في شرح مسلم بعد أن نقل كلامهما باللفظ الذي ذكرناه وهو نقل بالمعنى ما نصه : ولا يمتنع أن يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب من أصل الجري لأنه إنما يعتبره من حيث إضافته إلى ما بعده للتكثير به ويصدق على الجميع أنه مخالط إذا ليس من الكثير المخالط بما لا يغيره أن يمازج المخالط كل جزء من أجزاء الماء إذ ذاك محال كغدير سقطت النجاسة بطرف منه انتهى .
(
قلت ) : والظاهر ما قاله
ابن عبد السلام وابن عرفة فإن ما فوق محل السقوط لا تعلق له بما بعده فلا يضره ذلك الواقع فتأمله . وقال
المصنف في التوضيح : إذا كان المستعمل فوق الواقع لم تضره ولو كان الماء يسيرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون : إلا أن يقرب منه جدا انتهى .
(
قلت ) : والظاهر عندي أنه لا يضر ولو قرب جدا ; لأنه إذا فرض أن الماء جار فلا يمكن عوده إلى ما فوق محل السقوط فتأمله والله أعلم .
وقال في الطراز في أواخر باب الماء تصيبه نجاسة فتغيره : إذا وقعت في الماء الجاري نجاسة فإن كانت جارية مع الماء فما فوقها طاهر إجماعا وأما الجرية التي فيها وهي ما بين حافتي النهر عرضا فذلك في حكم الماء تقر فيه الميتة لأنه يتحرك معها بحركة واحدة وأما الجرية التي تحتها فطاهرة ولا ينبغي أن يستعمل ما يليها لأن الماء ربما يسبق جريه جريها سيما إذا قويت الأرياح وأما إن كانت النجاسة قائمة والماء يجري عليها فقد قدمنا قول أصحابنا في بئر السانية وشبهها مما ماؤه غير مستقر والميتة فيه أنه لا بأس به والنهر الجاري أقوى من ذلك إلا أن الأحسن أن يتوقى ما قرب من النجاسة من تحت جريها انتهى . فيفهم منه أن ما فوق النجاسة لا تعلق له بالنجاسة قال في التوضيح فيما إذا كان المستعمل بعد محل السقوط والمسألة على وجهين : أحدهما أن يجري الماء بذلك الحال مع بقاء بعضه في محل الوقوع فينظر إلى ما بين محل الوقوع والاستعمال فقد يكون يسيرا وقد يكون كثيرا والمحل إما أن يكون نجسا أو طاهرا أجره على ما تقدم ولا يعتبر هنا المجموع من محل النجاسة إلى آخر الجرية ، والوجه الثاني أن ينحل المغير وفي هذا الوجه ينظر إلى مجموع ما بين محل الوقوع ومحل تأثير ذلك الحال المغير فلو كان مجموع الجرية كثيرا ومن محل الوقوع إلى محل الاستعمال يسيرا جاز الاستعمال لكون المغير قد ذهب في جميع ذلك انتهى ، وانظر قوله في الوجه الأول فينظر إلى مجموع ما بين محل الوقوع والاستعمال فإنه مخالف لظاهر ما تقدم عن
ابن عبد السلام وابن عرفة ولما سيأتي في كلام
الأبي وكذلك ينظر لقوله في الوجه الثاني ما بين محل الوقوع ومحل تأثير ذلك المغير فإن الظاهر فيه كما قال صاحب الطراز إن المعتبر الجرية التي فيها النجاسة ويأتي في كلام
الأبي أن المعتبر من محل النجاسة إلى منتهى الجري ثم قال في التوضيح بعد أن ذكر ما تقدم .
وهذا ما ظهر من البحث في كلامه يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ولم أرها منصوصة للمتقدمين هكذا ، نعم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر في كافيه إن الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جرى بها فما بعدها منه طاهر وأشار
عياض في الإكمال لما تكلم على قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31233لا يبولن أحدكم في الماء الدائم } إلى أن الجاري كالكثير انتهى .
(
قلت ) : وهذا هو الظاهر من كلام أهل المذهب ، نعم إن كانت النجاسة ظاهرة فيعتبر المحل الذي هي فيه فإن كان الماء كثيرا جاز الوضوء منه وإن كان يسيرا كره لأن الفرض أن الماء لم يتغير وقال
الأبي في
[ ص: 74 ] شرح قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31233لا يبولن أحدكم في الماء الدائم } الذي لا يجري قال
عياض : التقييد بلا يجري يدل على أنه يجوز في الجاري وأنه لا يتنجس لأن الجاري يدفع النجاسة ويخلفها طاهر وأيضا فإن الجاري كالكثير إذا لم يكن ضعيفا يغلبه البول وذلك من حيث النظر على وجهين : الأول أن تسقط النجاسة ويمر الماء بها وبعضها باق بمحل السقوط ، فالمجموع على ما قال الشيخان فيمن تطهر في خلل ما بينهما فينظر في المجموع وكذا لو اجتمع ما بينهما ومنه ما يتفق أن تكون النجاسة بطرف السطح فينزل المطر فيمر ماء السطح بتلك النجاسة ويجتمع جميعها في قصرية أو زير تحت الميزاب فوقعت الفتيا بأنه من صور الجاري كالكثير ، والثاني أن لا تبقى النجاسة بمحل السقوط فالمجموع بين أجزاء ما خالطته النجاسة ومنتهى الجري وقوله احترازا عن ميزاب السانية أي لأن الماء الذي يجري فيه قليل وإذا وقفت الدابة انقطع .
( السادس ) ذكر
المصنف فيما تقدم أن
الماء الكثير إذا خالطته نجاسة ولم تغيره طهور فأحرى إذا خالطه طاهر ولم يغيره وذكر هنا أنه إذا كان يسيرا وخالطته نجاسة ولم تغيره أنه يكره .
وبقي عليه ما إذا خالطه طاهر ولم يغيره وحكمه أنه طهور بلا كراهة خلافا
للقابسي وفي المدونة ويجوز الوضوء بالماء يقع فيه البصاق والمخاط وشبهه قال
سند : وغيره يريد ما لم يكثر حتى يغيره فيكون مضافا .