ص ( فصل الطاهر ميت ما لا دم له )
ش : لا خفاء في مناسبة هذا الفصل للذي قبله ; لأنه لما ذكر
[ ص: 87 ] فيه أن ما تغير بطاهر طاهر ، وما تغير بنجس نجس احتاج إلى بيان الأشياء الطاهرة والأشياء النجسة ، وقدم الطهارة ; لأن الأصل في الأشياء الطهارة فقال الطاهر ميت ما لا دم له يعني أن الطاهر أنواع : منها
ميتة الحيوان البري الذي لا دم فيه وهو الذي يقال فيه ليس له نفس سائلة كما تقدم بيان ذلك ولو كانت فيه رطوبة كالعنكبوت والجداجد والعقرب والزنبور والصرصار والخنافس وبنات وردان والجراد والنحل والدود والسوس وفي ميتة ما لا نفس له سائلة طريقتان في المذهب : الأولى أنها طاهرة باتفاق وهذه طريقة
ابن بشير قال في العتبية وأما البري مما لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت بلا خلاف انتهى .
والطريقة الثانية أن فيها قولين المشهور أنها طاهرة ، قال في التوضيح نقل
سند عن
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أنها نجسة لكنها لا تنجس غيرها انتهى .
وقال
ابن عرفة ميتة بري ذي نفس سائلة غير إنسان كالوزغ نجس ونقيضها طاهر وفي الآدمي قولان
nindex.php?page=showalam&ids=13270لابن شعبان مع
ابن عبد الحكم وابن القصار مع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ثم قال
ابن نافع nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب ميتة غير ذي النفس السائلة نجسة وسمعا لا بأس بأكل ما مات فيه خشاش ويبينه إن باعه
ابن رشد بناء على عدم شرط ذكاته كقول
القاضي خلافا
لابن حبيب قال
ابن عرفة قلت : المفرع على عدم شرط ذكاته أكله لا أكل ما حل فيه لثبوته على شرط ذكاته إن بين على المشهور انتهى .
فصدر بالحكم بطهارة ميتة ما لا نفس له سائلة ، ثم ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وابن نافع نجاستهما وأنه يؤكل ما مات فيه الخشاش والذي يتحصل من كلامه في التنبيهات أنه إذا لم يتفرق ويتقطع في الماء والطعام ولم يطل مكثه فلا إشكال في طهارة الماء والطعام وفي جواز أكله كما أنه لا خلاف أنه إذا تفرق فيه وتغير منه الماء أن له حكم الماء المضاف وهل هو نجس أم لا اختلف فيه ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب تنجيس ما خالطه بطبخ أو شبهه وأنكره عليه
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون قال : والصواب أن لا ينجس ما لا نفس له سائلة كيف كان ، وأما
أكل الطعام إذا تحلل فيه أو طبخ فاختلف فيه أيضا والصواب أن لا يؤكل إذا كان مختلطا به وغالبا عليه ، وإن تميز الطعام منه أكل دونه إذ لا يؤكل الخشاش على الصحيح من المذهب إلا بذكاة ، وإن كان بعض الشيوخ خرج أكله بغير ذكاة على الخلاف في الجراد وإليه ذهب القاضي
أبو محمد عبد الوهاب وبه قال
أبو الحسن انتهى . فانظر كيف صرح بأن الصحيح في المذهب أن الخشاش لا يؤكل إلا بذكاة
وابن رشد إنما عزاه
لابن حبيب كما تقدم في كلام
ابن عرفة وظاهر كلام
اللخمي أن
ميتة ما لا نفس له سائلة نجسة وأنها تنجس ما لاقته ، ونقله عنه
أبو الحسن وقال
ابن نافع nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب : إن ميتة ما لا نفس له سائلة نجسة وعزاه
nindex.php?page=showalam&ids=15968لسحنون وليس منه الوزغ والسحالي ولا شحمة الأرض قاله في الطراز قال : وقال بعض الشافعية الوزغ من الخشاش وهو غلط ; لأنها ذات لحم ودم ، ومن جنس الحنش ، وقال في كتاب الذبائح الثاني لا يؤكل الوزغ والله أعلم .
والخشاش بفتح الخاء وتخفيف الشين المعجمتين قال في التنبيهات ويقال بكسر الخاء وحكى أبو علي فيها الضم أيضا هو صغار دواب الأرض انتهى .
والجداجد جمع جدجد قال في القاموس في فصل الجيم من باب الدال المهملة : والجدجد كهدهد مثل الجراد ، وقال في الصحاح في فصل الجيم من باب الدال المهملة : والجدجد بالضم صرار الليل وهو قفاز وفيه شبه من الجراد والجمع الجداجد والجدجد بالفتح الأرض الصلبة انتهى .
والصرار قال في التنبيهات بالصاد المهملة وتشديد الراء الأولى هو الجدجد سمي بصوته ، يقال صر وصرصر إذا صاح ، وقال في الصحاح وصرار الليل الجدجد وهو أكبر من الجندب وبعض
العرب يسميه الصرى انتهى .
والزنبور قال في التنبيهات بضم الزاي معلوم انتهى . وقال في الصحاح الزنبور الدبر وهو يؤنث والزنبار لغة فيه والجمع الزنابير
[ ص: 88 ] وأرض مزبرة كثيرة الزنابير كما أنهم ردوه إلى ثلاثة أحرف وحذفوا الزيادات كما قالوا أرض معقرة ومثعلة أي كثيرة العقارب والثعالب انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده الزنبور أمير النحل والزنبور الخفيف الظريف انتهى .
والخنافس جمع خنفس وقال في التنبيهات بضم الخاء والمد معلوم انتهى . وقال في الصحاح ويقال لهذه الدويبة خنفساء بفتح الخاء ممدودة والأنثى خنفساءة انتهى . وقال في المحكم الخنفسة دويبة سوداء أصغر من الجعل منتنة الريح والأنثى خنفسة وخنفساء وخنفساءة وضم الفاء في كل ذلك لغة انتهى . فاقتضى كلامه أن فتح الفاء أشهر واقتضى أيضا أن خنفساء لا يقال إلا للمؤنث والله أعلم .