( فائدة ) ظهر في هذا القرن وقبله بيسير
شراب يتخذ من قشر البن يسمى القهوة واختلف الناس فيه فمن متغال فيه يرى
[ ص: 91 ] أن شربه قربة ، ومن غال يرى أنه مسكر كالخمر والحق أنه في ذاته لا إسكار فيه وإنما فيه تنشيط للنفس ويحصل بالمداومة عليه طراوة تؤثر في البدن عند تركه كمن اعتاد أكل اللحم بالزعفران والمفرحات فيتأثر عند تركه .
ويحصل له انشراح باستعماله غير أنه تعرض له الحرمة لأمور منها أنهم يجتمعون عليها ويديرونها كما يديرون الخمر ويصفقون وينشدون أشعارا من كلام القوم فيها القول وذكر المحبة وذكر الخمر وشربها ونحو ذلك فيسري إلى النفس التشبه بأصحاب الخمر خصوصا من كان يتعاطى مثل ذلك فيحرم حينئذ شربها لذلك مع ما ينضم إلى ذلك من المحرمات ، ومنها أن بعض من يبيعها يخلطها بشيء من المفسدات كالحشيشة ونحوها على ما قيل ، ومنها أن شربها في مجامع أهلها يؤدي للاختلاط بالنساء ; لأنهن يتعاطين بيعها كثيرا وللاختلاط بالمرد لملازمتها لمواضعها ولسماع الغيبة والكلام الفاحش والكذب الكثير من الأراذل الذين يجتمعون لشربها مما تسقط المروءة بالمواظبة عليه ، ومنها أنهم يلتهون بها عن صلاة الجماعة غيبة بها ولوجود ما يلهي من الشطرنج ونحوه في مواضعها .
ومنها ما يرجع لذات الشارب لها كما أخبرني
والدي - حفظه الله تعالى - عن الشيخ العارف بالله العلامة
أحمد زروق أنه سئل عنها في ابتداء أمرها فقال أما الإسكار فليست مسكرة ولكن من كان طبعه الصفراء والسوداء يحرم عليه شربها ; لأنها تضره في بدنه وعقله ، ومن كان طبعه البلغم فإنها توافقه وقد كثرت في هذه الأيام واشتهرت وكثر فيها الجدال وانتشر فيها القيل والقال وحدثت بسببها فتن وشرور واختلفت فيها فتاوى العلماء وتصانيفهم ونظمت في مدحها وذمها القصائد فالذي يتعين على العاقل أن يجتنبها بالكلية إلا لضرورة شرعية ، ومن سلم من هذه العوارض كلها الموجبة للحرمة فإنها ترجع في حقه إلى أصل الإباحة ، والله أعلم .
وقد عرضت هذا الكلام على سيدي الشيخ العارف بالله - تعالى -
محمد بن عراف وعلى سيدي
الوالد - أعاد الله علينا من بركاتهما - فاستحسناه وأمرا بكتابته وإنما أطلت الكلام هنا لأني لم أر من استوعب الكلام في ذلك والله - سبحانه - أعلم .