وأما العمرة فهي سنة مؤكدة مرة في العمر وأطلق
المصنف - رحمه الله - في قوله : إنها سنة مرة في العمر ولا
[ ص: 467 ] بد من زيادة كونها مؤكدة كما صرح به غير واحد من أهل المذهب ، قال في الرسالة
: والعمرة سنة مؤكدة مرة في العمر وقال في النوادر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : العمرة سنة واجبة كالوتر لا ينبغي تركها انتهى .
وقال
ابن الحاج في منسكه هي أوكد من الوتر ، وفي الموطإ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : العمرة سنة ولا نعلم أحدا من المسلمين رخص في تركها انتهى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر : حمل بعضهم قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ لا نعلم من رخص في تركها على أنها فرض وذلك جهل منه انتهى .
وقال
ابن الحاج في منسكه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك :
العمرة سنة مؤكدة وليست بفرض كالحج وهي أوكد من الوتر وقد قيل : إن قوله تعالى {
العمرة لله } بعد قوله {
وأتموا الحج والعمرة لله } كلام مؤتنف وقد قرئت بالرفع ، وقيل : إنما أمر بإتمامها من دخل فيها ، وقال
ابن حبيب وأبو بكر بن الجهم : هي فرض كالحج ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وبه قال جماعة من أهل
المدينة والمشهور الأول ; لقوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14045الحج جهاد والعمرة تطوع } رواه
الترمذي وقال : حديث حسن ، وفي بعض الروايات : حسن صحيح ونازعه
النووي في تصحيحه ; ولأنها نسك غير مؤقت فلا تكون واجبة كطواف التطوع ولعدم ذكرها في حديث بني الإسلام على خمس ، انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13050ابن حارث عن
ابن حبيب : هي فرض على غير أهل
مكة وقال
الزركشي من الشافعية : كره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الاعتمار لأهل
مكة والمجاورين بها وقال : يا أهل
مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطواف بالبيت ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس بخلاف غيرهم فإنها واجبة عليهم انتهى .
(
قلت ) : وهو غريب لا يعرف في المذهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال
ابن فرحون في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه قال : العمرة واجبة على الناس إلا على أهل
مكة ; لأنهم يطوفون بالبيت انتهى .
( تنبيه ) ولا خلاف أنها تجب بالنذر ويجب إتمامها بعد الشروع فيها والله أعلم .
وحكمها بعد المرة الأولى الاستحباب قال
الشيخ أبو الحسن الكبير في أواخر كتاب الحج الثاني قال
أبو محمد : والعمرة سنة مؤكدة مرة في العمر ، وأما أكثر من مرة فينتفي عنها التأكيد وتبقى بعد ذلك مستحبة انتهى .
ويستحب في كل سنة مرة ويكره تكرارها في العام الواحد على المشهور وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المدونة ; لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكررها في عام واحد مع قدرته على ذلك وقد كرهه جماعة من السلف وأجاز ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون وقال
ابن حبيب : لا بأس بها في كل شهر مرة ، وقال أبو الحسن وغيره : وفرطت
عائشة رضي الله عنها في العمرة سبع سنين ثم قضتها في عام واحد وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : في كل شهر مرة وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه اعتمر ألف عمرة وحج ستين حجة وحمل على ألف فرس في سبيل الله وأعتق ألف رقبة انتهى .
وقال
سند : كره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك تكررها في السنة الواحدة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه اعتمر في كل عام مرة وحكى كراهة ذلك عن كثير من السلف وما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كان يعتمر كل يوم وأن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يعتمر في كل يوم من أيام
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير فيحتمل أن يكون قضاء عن نذر أو لوجه رآه ، كما روي أن
عائشة فرطت في العمرة سبع سنين فقضتها في عام واحد ، ولو كان مستحبا لفعله عليه الصلاة والسلام والأئمة بعده أو ندب إليه على وجه يقطع العذر ، انتهى ملخصا .
ونقل
اللخمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن المواز جواز تكرارها في السنة مرارا واختاره ونصه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف في كتاب
ابن حبيب : لا بأس بالعمرة في السنة مرارا ، قال : أرجو أن لا يكون به بأس ، قال
اللخمي : ولا أرى أن يمنع أحد من أن يتقرب إلى الله بشيء من الطاعات ولا من الازدياد من الخير في موضع لم يأت بالمنع منه نص ، انتهى .
وكلامه يوهم أن
ابن المواز قال ذلك في الاعتمار مرارا ، وظاهر كلام
ابن المواز أنه إنما قاله في المرتين فقط ، قال في التوضيح عند قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب وفي كراهة
تكرار العمرة في السنة الواحدة قولان : المشهور الكراهة ، وهو مذهب
[ ص: 468 ] المدونة ، والشاذ
nindex.php?page=showalam&ids=17098لمطرف إجازة تكرارها ونحوه
لابن المواز ; لأنه قال : أرجو أن لا يكون بالعمرة مرتين في سنة بأس وقد اعتمرت
عائشة مرتين في عام واحد وفعله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر وكرهت
عائشة عمرتين في شهر ، وكرهه
القاسم بن محمد انتهى .
وما ذكره صاحب التوضيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز هو كذلك في النوادر وهو أولى مما قاله
اللخمي . ونص النوادر قال
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز : وكره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن يعتمر عمرتين في سنة واحدة يريد فإن فعل لزمه قال
محمد : وأرجو أن لا يكون به بأس انتهى .
( فرع ) وعلى المشهور من أن يكره تكرارها في السنة الواحدة فلو أحرم بثانية انعقد إحرامه إجماعا ، قاله
سند وغيره وتقدم ذلك في كلام
ابن المواز حيث قال : يريد فإن فعل لزمه ، وقال في المدونة : والعمرة في السنة إنما هي مرة واحدة ولو اعتمر بعدها لزمته كانت الأولى في أشهر الحج أم لا أراد الحج من عامه ذلك أم لا انتهى .
( تنبيه ) قال
المصنف في مناسكه : وعلى المشهور من أنه يكره تكرارها في العام الواحد فأول السنة المحرم فيجوز لمن اعتمر في أواخر ذي الحجة أن يعتمر في المحرم قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قال
ابن القاسم : ثم استثقله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال : أحب إلي لمن أقام
بمكة أن لا يعتمر حتى يدخل المحرم أي لقرب الزمن انتهى .
وقوله ثم استثقله أي استثقل أن يعتمر في أواخر ذي الحجة ثم يعتمر في المحرم لقرب الزمن أي فلا يفعل إلا واحدة ، وإذا كان لا يفعل إلا واحدة فهل الأولى أن تكون في أواخر ذي الحجة أو المحرم ؟ قال : أحب إلي لمن أقام
بمكة أن لا يعتمر حتى يدخل المحرم فتضمن كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الثاني مسألتين : إحداهما استثقال الإتيان بعمرة في ذي الحجة ، ثم أخرى في المحرم ، والثانية استحباب أن تكون العمرة في المحرم لمن أقام
بمكة وكذلك نقلها
التادلي مسألتين وقال في المواضع المختلف فيها في العمرة ، الثالث
هل يستحب للحاج أن تكن في المحرم أو لا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أحب إلي أن تكون في المحرم ; لأن فعلها في غير أشهر الحج أفضل له وقيل : له فعلها بعد حجه ، وسبب الخلاف هل ذو الحجة كله من أشهر الحج أم لا .
الرابع إذا
اعتمر بعد حجه هل له أن يعتمر أخرى في المحرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك روايتان ، انتهى .
فقوله : لقرب الزمن ; تعليل الاستثقال فقط وأما استحباب كونها في المحرم فلتكن في غير أشهر الحج على ما قاله
التادلي ولا ينبغي أن يفهم من قول
المصنف وعلى المشهور فأول السنة المحرم إلخ أن في أول السنة خلافا هل هو المحرم أو ذو الحجة ؟ إذ ليس في كلامه ما يدل على ذلك ولا في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وإلا لعلل استثقاله العمرة في المحرم بعد العمرة في ذي الحجة بأن ذلك في سنة واحدة ، وهذا إنما علله بقرب الزمن وقال صاحب الطراز
وإذا راعينا العمرة في السنة مرة فهل هي من الحج إلى الحج أو من المحرم إلى المحرم ؟ واختلف فيه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال في الموازية : ولا بأس أن يعتمر بعد أيام الرمي في آخر ذي الحجة ثم يعتمر في المحرم عمرة أخرى فيصير في كل سنة مرة ، ثم رجع فقال : أحب إلي لمن أقام أن لا يعتمر بعد الحج حتى يدخل المحرم فعلى هذا يعتمر قبل الحج وبعده ويكون انتهاء العمرة وقت فعل الحج ، وعلى الأول إذا اعتمر قبل الحج فلا يعتمر بعده حتى يدخل المحرم انتهى .
وما قاله غير ظاهر وليس في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ما يدل عليه فأول السنة المحرم على كل حال والله أعلم .
( فرع ) يستثنى من كراهة تكرار العمرة في السنة من تكرر دخوله إلى
مكة من موضع يجب عليه الإحرام منه وهو الظاهر ولم أر من صرح به ; لأنه إن أحرم بحج فقد أحرم قبل وقته وإن لم يحرم دخل عليه بغير إحرام ، والله أعلم .
( فرع ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ولا بأس أن
يعتمر الصرورة قبل أن يحج انتهى .
ويعني بذلك أن من قدم في أشهر الحج وهو صرورة فلا يتعين أن يحرم بالحج بل يجوز له أن يعتمر ، وأما إذا قدم الصرورة قبل أشهر الحج فالمطلوب منه يومئذ الإحرام بالعمرة من غير خلاف ، والله أعلم .
( فرع ) قال في الطراز : ويجوز لمن دخل
مكة معتمرا أن يخرج بعد انقضاء عمرته وفي كتاب
ابن حبيب [ ص: 469 ] أحب للمعتمر أن يقيم لعمرته ثلاثا
بمكة ، وفي الموطإ عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أنه كان إذا اعتمر لم يحطط عن راحلته حتى يرجع ، والله أعلم .
وقول
المصنف : فرض الحج وسنة العمرة الموجودة في غالب النسخ بالبناء للمفعول ورفع الحج والعمرة على النيابة للفاعل ونصب مرة على النيابة على المفعول المطلق والعامل فيه العمرة ويقدر مثله للحج ; لأن العمرة والحج مصدران يقدر كل واحد منهما بأن والفعل والمعنى فرض بأن يحج مرة وسن أن يعتمر مرة ولا يصح أن يكون العامل فيه فرض وسنت ; لأنه إنما يفيد أن الفرض والسنة وقع من الشارع مرة ولا يفيد المعنى المراد ; لأن المفعول المطلق قيد في عامله ويجوز أن ينصب مرة على التمييز المحول عن النائب عن الفاعل والمعنى فرض المرة من الحج وسنة العمرة من العمرة ويوجد في بعض النسخ فرض الحج بفتح الفاء وسكون الراء على أنه مصدر مرفوع بالابتداء ، ويرفع سنة بالعطف عليه ويجر الحج والعمرة بالإضافة ، ومرة مرفوع على أنه خبر وعليها شرح
البساطي .
ويتعين حينئذ أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول ، أي المفروض من الحج مرة ، والمسنون من العمرة مرة ، والله أعلم .
وإنما أطلت الكلام هنا ; لأن هذه المسائل محتاج إليها ولم ينبه الشارح عليها