ص ( ولو بلا زاد وراحلة الذي له صنعة تقوم به وقدر على المشي كأعمى بقائد وإلا اعتبر المعجوز عنه منهما )
ش : لما ذكر أن الاستطاعة على المشهور هي إمكان الوصول بلا مشقة عظيمة مع الأمن على النفس والمال بين أن ذلك يختلف باختلاف الناس ، فقد يجب الحج بلا زاد ولا راحلة إذا كان المكلف له صنعة يعملها في الطريق وتقوم به بأن يقدر على فعلها وتكون نافعة بحيث يحصل منها قوته ويكون قادرا على المشي كالجمال والعكام والخراز والنجار ومن أشبههم وأشار ب " لو " إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وابن حبيب المتقدم
وابن أبي سلمة زاد الشيخ
زروق nindex.php?page=showalam&ids=12427وابن أبي أويس القائلين باشتراط الزاد والراحلة وتقدم بيان ذلك ، ثم نبه على أنه لا يشترط أن يكون المكلف صحيح الأعضاء جميعها فلو
كانت به زمانة في بعض أعضائه وأمكنه الوصول معها إلى مكة بلا مشقة عظيمة مع الأمن وجب عليه الحج ، وذلك كأعمى إذا وجد قائدا يقوده في الطريق ولو بأجرة إذا قدر عليها وكانت له قدرة على المشي أو كانت له صنعة يعملها في الطريق أو لا تكون له صنعة ووجد الزاد ومن يحمله أو كانت له قدرة على حمل زاده ومثله أقطع اليدين وأشلهما وأقطع الرجلين وأشلهما ، والأعرج إذا قدروا على الوصول وكذلك الأصم بل هو أحرى ولذلك أتي بالكاف في قوله : " كأعمى بقائد " قال
اللخمي : ومن كانت به زمانة أو ضرورة نظر أو غير ذلك مما يقدر معها على الركوب وله مال يكترى به لركوبه ومن يخدمه لزمه الحج ، وإن كان صحيحا يقدر على المشي لزمه الحج إذا كان يقدر على أن يستأجر من يقوده ثم هو في العيش على ما تقدم ، وإن كان له مال أو كان يتكفف انتهى .
وقال
ابن جماعة : مذهب المالكية وجوب الحج على الأعمى إذا وجد قائدا ولو بأجرة وقدر على المشي أو وجد المركوب ومقطوع الرجلين واليدين كغيره إذا وجد من يقوم بأمره عند الشافعية وهو مقتضى قول المالكية انتهى .
كأنه يشير إلى كلام
اللخمي المتقدم ، وقوله : وإلا اعتبر المعجوز عنه منهما أي وإن لم يكن الوصول بلا زاد ولا راحلة فيعتبر ما عجز عنه منهما أي من الزاد والراحلة في جانب الوجوب ومتى وجد المعجوز عنه وجب ويحتمل أن يعتبر المعجوز عنه منهما في جانب السقوط فمتى عجز عن أحدهما سقط ، وكلامه شامل لثلاث صور ; لأنه إما أن يعجز عن الزاد فقط فيعتبر في حقه وجوده ووجود ما يحمله عليه إن لم يقدر على حمله أو يعجز عن المشي فيعتبر في حقه وجود المركوب بكراء أو بشراء أو يعجز عنهما فيعتبران جميعا قال
سند : فإن لم يقدر على المشي ولم تكن له صنعة اعتبر في حقه وجود الزاد والراحلة ، فإذا قدر عليهما ولم يكن به مرض ولا ضعف يمنعه من الركوب فهذا يجب عليه ، وإن لحقته مشقة إلا أن تكون عظيمة لا يمكنه تحملها مثل أن يشق عليه ركوب القتب والزاملة فيعتبر في حقه وجود المحمل وإن قدر على المشي ولم تكن له صنعة تقوم به اعتبر في حقه وجود الزاد المبلغ إلى
مكة أو ما يرد به إلى بلده على ما يأتي من الخلاف فإن كانت له صنعة إلا أنها لا تقوم به فإذا وجد من الزاد ما يقوم به مع صنعته وجب عليه
[ ص: 499 ] الحج ، ولو كانت له صنعة تقوم به ولكنه لا يقدر على المشي اعتبر في حقه وجود الراحلة انتهى .