وقال في المدونة في كتاب الحج
[ ص: 52 ] الثالث : في ترجمة الذي يفسد حجه ، وإذا
طاف القارن أول ما دخل مكة وسعى ثم جامع فليقض قارنا ; لأن طوافه وسعيه إنما كانا للحج والعمرة جميعا ، ألا ترى لو لم يجامع ، ومضى على القران صحيحا لم يلزمه إذا رجع من
عرفات أن يسعى لحجه وأجزاه السعي الأول ؟ انتهى .
فمعنى قوله : للحج والعمرة جميعا أنه للإحرام به لا أنه يقصد بالطواف الأول أنه للقدوم ، وللعمرة وبالسعي أنه سعي العمرة والحج ، وأن العمرة قد تمت قال
سند في شرح كلام المدونة المذكور : وهذا الذي قاله بين ، وهو حجة على من ذهب من أصحابنا إلى أنه لا ينبغي أن يكون عليه من عمل العمرة شيء ; لأنها قد تمت على الصحة ، وإنما بقي الحج وحده ، وإنما حمل هذا القائل على ذلك ، والله أعلم أن العمرة لا يؤتى لها إلا بطواف واحد وسعي واحد فيقع الطواف الأول وسعيه مشتركا بين النسكين ، وما بقي من الأفعال يختص به الحج دون العمرة فيقابل الفساد أفعال الحج المختصة بدون أفعال العمرة ، وهو وهم ، فإن فعال العمرة قائم بالقران حتى يتحلل القارن ، ولولا ذلك لوجب عليه دم إذا قدم سعيه لتأخير حلق العمرة انتهى .
ففيه إشارة إلى ما ذكرته ، وإن لم يكن مفصحا به ، ومثل كلامه السابق في المدونة قوله في الحج الأول
: من دخل مكة قارنا فطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فعليه دم القران ، ولا يكون طوافه حين دخوله
مكة لعمرته لكن لهما جميعا ، ولا يحل من واحدة منهما دون الأخرى ; لأنه لو جامع فيهما قضاهما قارنا فقوله : لهما جميعا أنه للإحرام الذي أحرمه بهما ، وبذلك يجمع بين قولهم : إن أفعال العمرة تندرج ، وكلام المدونة في الموضعين ، وعلى هذا يحمل ما ذكره
ابن عرفة عن
اللخمي ، ونصه : وفيها على من دخل قارنا فطاف وسعى قبل أشهر الحج وحج من عامه دم القران فخرجه
اللخمي على اختصاص حج القارن بالطواف والسعي دونها كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيها إن
رمى قارن مراهق جمرة العقبة حلق ونفيه على اشتراكهما فيهما كقول
ابن الجهم في القارن ، وأن المراهق لا يحلق حتى يسعى انتهى .
فقوله : على اختصاص حج القارن بالطواف والسعي يعني به أن لا يقصد التشريك فيهما يقصد بذلك طواف القدوم والسعي الواجبين عليه في إحرامه بالحج والعمرة ، أما على ما ذكره
ابن الجهم فيمكن أن يقال : إنه يقصد بهما التشريك ، ويمكن أن يقال : إنما مرادهما صورة الطواف والسعي ، وإن كان إنما يقصد بالطواف طواف القدوم وبالسعي سعي الركن في إحرامه المذكور .