ص ( ثم السعي سبعا بين
الصفا والمروة منه البدء مرة ، والعود أخرى )
ش هو معطوف على الإحرام في قوله : وركنهما الإحرام يعني أن
الركن الثالث من الأركان التي يشترك فيها الحج والعمرة السعي ، وهو آخر أركان العمرة وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب :
وتنقضي العمرة بالطواف والسعي والحلاق أو التقصير قال
المصنف في التوضيح : أي : كمال العمرة ، ونصه : اعلم أن العمرة هي إحرام وسعي وطواف وحلق والثلاثة الأول أركان ، والرابع : يجبر بالدم فقوله : يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب تنقضي العمرة أي : كمال العمرة ، وإلا فالعمرة تصح بدون الحلاق انتهى ، وما ذكره
المصنف من أن السعي ركن هو المعروف من المذهب فمن
ترك السعي أو شوطا منه أو ذراعا من حج أو عمرة صحيحتين أو فاسدتين رجع له من بلده ، وروى
ابن القصار عن القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن السعي واجب يجبر بدم إذا رجع لبلده والرواية المذكورة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هي : من ترك السعي حتى تباعد ، وأطال وأصاب النساء أنه يهدي ويجزيه ففهمها صاحب الطراز أنه غير ركن عنده وفهمها
اللخمي وابن رشد على أنه قال مراعاة للخلاف .
ويظهر من كلام
المصنف في التوضيح أنه ركن من غير خلاف ، وأن القول بالرجوع مراعاة للخلاف وصرح بذلك
ابن فرحون في شرحه ، وهو بعيد وانظر
ابن عرفة وللسعي شروط منها : كونه سبعة أشواط ، وقد تقدم في الكلام على الطواف أن من ترك من السعي شيئا ، ولو ذراعا يرجع له من بلده ، ومنها كونه بين
الصفا والمروة ، فلو سعى في غير ذلك المحل بأن دار من سوق الليل أو نزل من
الصفا ودخل من المسجد لم يصح سعيه ، والواجب فيه السعي بين
الصفا والمروة ، ولا يجب الصعود عليهما بل هو مستحب ، كما سيأتي قال
سند : والمذهب أنه لا يجب إلصاق العقبين
بالصفا بل أن يبلغهما من غير تحديد
ومن شروطه البدء من الصفا
، فإن بدأ من
المروة لم يعتد بذلك الشوط الأول ، فإن اعتد به فهو كمن ترك شوطا من سعيه ، وقوله : منه البدء أفاد أن البدء
[ ص: 85 ] من
الصفا ، وأنه يحسب ذلك شوطا ، ويحسب العود شوطا آخر .
ص ( وصحته بتقدم طواف ونوى فريضته ، وإلا فدم )
ش يعني أن
شرط صحة السعي أن يتقدمه طواف قال
ابن عبد السلام : وذلك متفق عليه ، وقال
ابن عرفة : والمذهب شرط كونه بعد طواف انتهى .
، فلو
سعى من غير طواف لم يجزه ذلك السعي بلا خلاف وقوله : ونوى فرضيته ، وإلا فدم يعني ، ويجب في الطواف الذي سعى بعده أن يكون فرضا ، فإن أوقع السعي بعد طواف ليس بفرض فعليه دم قال
ابن عبد السلام إثر كلامه المتقدم : ثم اختلف ، هل يشترط مع ذلك أن يكون مع أحد الطوافين إما طواف القدوم ، وإما طواف الإفاضة ، ويكفي فيه أي طواف كان ، وقال
ابن عرفة إثر كلامه المتقدم ، وفي شرط وجوبه قولان
لابن عبد الحكم ولها انتهى .
وقال في التوضيح : من شرط صحة السعي أن يتقدمه طواف واختلف ، هل من شرطه أن يكون واجبا أو يكفي أي طواف كان لقوله في المدونة : وإذا طاف حاج أول دخوله
مكة لا ينوي به تطوعا ، ولا فريضة لم يجزه سعيه إلا بعد طواف ينوي به طواف الفريضة ، فإن لم يتباعد رجع فطاف وسعى ، وإن فرغ من حجه ثم رجع إلى بلده وتباعد وجامع النساء أجزأه ذلك ، وعليه دم ، والدم في هذا خفيف انتهى .
فتخفيفه للدم يقتضي أن ذلك ليس بشرط ، وقال
ابن عبد السلام : إلى الاشتراط يرجع مذهب المدونة ، وهذا هو المنصوص في المذهب انتهى .
، وفيه نظر ; لأنه لو كان مذهب المدونة الاشتراط للزمه الرجوع ; لأن الشرط يلزم من عدمه العدم على أن
سندا اعترض على
البراذعي قوله : ولم ينو فرضا ، ولا تطوعا لم يجزه ، وقال : إنما قال في الكتاب : ولم ينو حجا ثم سعى فلا أحب له سعيه إلا بعد طواف ينوي به الفرض ، فإن رجع إلى بلده أو جامع رأيته مجزيا عنه ، وعليه دم انتهى كلام التوضيح يعني أن
سندا اعترض على
البراذعي في قوله : لم يجزه ، فإنه قال في الطراز : لو لم يكن مجزيا لوجب أن يرجع له من بلده ، كما لو
طاف على غير وضوء وسعى ، ولم يعد سعيه حتى رجع إلى بلده وأجاب
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
البراذعي بأن الإجزاء معناه الاكتفاء ، وهو لا يكتفي بما فعله قريبا كان أو بعيدا ففي القرب يعيده ، وفي البعد يجبره بالدم قال : وإنما الاعتراض على
البراذعي أنه قال في الأم لم ينو بطوافه لحجه ، وبدلها هو بقوله : فريضة ، ولا تطوعا ، وهذه العبارة إنما تطلق على العابث أو الذاهل ثم قال : ويمكن أن ينتصر له بأنه أراد أنه لم يعين نيته حين الطواف أنه تطوع ، ولا قدوم فلا يكتفي به ، وإن تباعد أجزأه إذ لم يخل عن نية التقرب به ، وقرينته حال الحاج لا سيما من البلاد البعيدة أنه إنما يطوف تقربا بالله تعالى ، وأقل درجات هذه النية التطوع فلهذا ساغ أن يكتفي به انتهى .
يعني مع البعد (
قلت : ) ، والذي رأيته في الأم ، كما قال
البراذعي ونصها :
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا دخل
مكة فطاف
بالبيت أول ما دخل
مكة لا ينوي بطوافه هذا فريضة ، ولا تطوعا ثم يسعى بين
الصفا والمروة ؟ قال : لا أرى أن يجزيه سعيه بين
الصفا والمروة إلا بعد طواف ينوي به طواف الفريضة الذي دخل به ، فإن فرغ من حجه ، ورجع إلى بلده وتباعد ، وجامع النساء رأيت ذلك مجزيا عنه ورأيت عليه الدم ، والدم في هذا خفيف عندي ، قال : وإن كان لم يتباعد رأيت أن يطوف
بالبيت ويسعى بين
الصفا والمروة انتهى .
وهكذا نقله
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن الأم مثل ما قال
سند واختصار الشيخ
أبي محمد قريب من ذلك ، ولعل نسخ الأم مختلفة ، وهذا هو الظاهر ، والله أعلم .
فعلم مما تقدم أن معنى قول
المصنف ونوى فريضته ، وإلا فدم
الطواف الذي يقع بعده السعي يجب أن ينوي فرضيته بأن يكون طواف الإفاضة أو طواف القدوم بالحج أو طواف العمرة ، فإن أوقعه بعد طواف لا ينوي فرضيته كطواف الوداع أو طواف تطوع ، كمن أحرم بالحج من
مكة وطاف وسعى ، فإنه يؤمر بإعادته بعد
[ ص: 86 ] طواف واجب ، فإن لم يفعل حتى تباعد فعليه دم وقول المصنف ، وإلا فدم فيه مسامحة ; لأن ظاهره أنه لا يؤمر بالإعادة ، وليس كذلك ، كما تقدم في لفظ المدونة ، فإن قيل : أما طواف الإفاضة والعمرة فلا شك في فرضيتهما ; لأنهما ركنان ، أما طواف القدوم فليس بفرض ; لأنه ليس بركن ، وإنما هو واجب على الراجح ، كما تقدم ، وقد فرقوا بين الفرض والواجب في باب الحج على ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14009ابن الجلاب وغيره ، فالجواب : أن
المصنف - رحمه الله - أطلق عليه أنه فرض تبعا للفظ المدونة المتقدم أعني قوله : ولا أحب له سعيه إلا بعد طواف ينوي به طواف الفريضة ، ومعلوم أن مراده طواف القدوم وطواف الإفاضة لا غير ، وقال
ابن عرفة في كلامه على طواف القدوم : وسماه فيها واجبا وفرضا وأيضا ، فإن هذا هو الجاري على قاعدة المذهب أن الفرض والواجب مترادفان ، وقد ثبت أنه واجب فيصح أن يطلق عليه فرض ، ولم يلتفت
المصنف إلى ما اصطلح عليه بعض المتأخرين من التفريق بينهما في الحج