( تنبيه ) قول
المصنف اليمين تحقيق ما لم يجب يعني أن اليمين هو أن يحقق الحالف شيئا لم يجب أي لم يثبت ، وهذه العبارة هي نص الحاوي للشافعية قال بعض شراحه في شرحها : أي تحقيق ما لم يتحقق ثبوته ، وهو ما يحتمل المخالفة والموافقة ماضيا كان أو مستقبلا ممكنا كان أو ممتنعا ، وقد دخل في قوله : ما لم يجب الممكن كقول القائل : والله لأدخلن الدار والممتنع نحو : والله لأقتلن فلانا الميت وخرج منه الواجب كقوله والله لأموتن ، وإنما لم يكن ذلك يمينا لأن الواجب متحقق في نفسه ، فلا معنى لتحققه ، ولأنه لا يتصور فيه الحنث ، بخلاف الممكن والممتنع ، ولذلك رجح عدم انعقاد اليمين فيما لو
حلف لا يصعد السماء وانعقاده فيما لو
حلف ليقتلن فلانا وهو ميت ، وقد يفرق بين ما لا يتصور فيه الحنث فيرجح فيه عدم الانعقاد وبين ما لا يتصور فيه البر فيرجح فيه الانعقاد بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل ويهتك الحرمة فيخرج إلى التكفير ، ويدخل أيضا في تحقيق ما لم يجب الماضي والمستقبل والنفي والإثبات ، انتهى كلامه ، وقال في الإرشاد للشافعية أيضا : اليمين تحقيق غير ثابت قال مصنفه في التتمة : إن اليمين الموجبة للكفارة هي أن يقصد بها تحقيق شيء غير معلوم الثبوت ماضيا كان أو مستقبلا منفيا كان أو مثبتا ممكنا كان أو ممتنعا ، انتهى . وما ذكره شارح الحاوي أشار
الشيخ بهرام في شرحه الصغير إلى شيء منه ، ونصه : قوله : اليمين تحقيق ما لم يجب أي اليمين الموجبة للكفارة تحقيق ما لم يجب بما ذكر ، والمراد بتحقيق ما لم يجب تحقيق ما لم يثبت أي يتحقق ثبوته ، وهو ما يحتمل الموافقة والمخالفة أعني البر والحنث ، فلو
قال : والله لأحملن الجبل ووالله لأشربن البحر كان يمينا ; لأن حمل الجبل وشرب البحر لا يتحقق ثبوته ، ولو قال : والله لا أحمل الجبل ووالله لا أشرب البحر لم يكن يمينا ; لأن عدم حمله الجبل وشربه البحر متحقق الثبوت ، ودخل في قولها
[ ص: 261 ] ما لم يجب الممكن كقوله : والله لأدخلن الدار والممتنع كقوله : والله لأقتلن زيدا الميت أو لأشربن البحر أو لأحملن الجبل ، وخرج به الواجب كوالله لأموتن فليس بيمين ; لأن الواجب متحقق في نفسه ، والمراد أيضا بتحقق ما لم يجب المستقبل خاصة سواء كان متعلق يمينه من فعله أو من فعل غيره كانت على نفي ، وهي صيغة البر ، أو إثبات ، وهي صيغة الحنث ، انتهى .