ص ( وحنث إن لم تكن له نية ولا بساط بفوت ما حلف عليه
[ ص: 288 ] ولو لمانع شرعي أو سرقة لا ب كموت حمام في ليذبحنه )
ش : لما ذكر رحمه الله مقتضيات البر والحنث من النية وما بعدها أخذ يذكر فروعا تنبني على تلك الأصول ، وهي في نفسها أيضا أصول ، فمن ذلك إذا
تعذر الفعل المحلوف عليه لفوات محله ، وقاعدة
المصنف في هذا الباب أنه إذا قال وبكذا فيشير إلى ما يقع فيه الحنث ، وإذا قال لا كذا فيشير إلى ما لا يحنث فيه إلا أنه رحمه الله أجمل في كلامه بعض الإجمال لأجل الاختصار ، والمسألة فيها تفصيل قال في التوضيح اعلم أن من
حلف ليفعلن شيئا فتعذر فعله ، فإما أن يكون الفعل مؤقتا أم لا
ابن بشير ، فإن كان الفعل غير مؤقت بأجل ، فإن كان فرط حتى تعذر الفعل فلا خلاف أنه حانث ، فإن بادر فلم يمكنه الفعل فكما لو كان مؤقتا ، انتهى . والمؤقت ينقسم تعذره إلى ثلاثة أقسام : إما أن يكون عقلا أو شرعا أو عادة ، فالعقلي كتعذر ذبح الحمام المحلوف بذبحها لموتها ، إذ الذبح في الميت متعذر ، فلا خلاف منصوص أنه لا يحنث ، وخرج
اللخمي قولا بالحنث من التعذر شرعا ، وأما العادي فكما لو حلف ليذبحن الحمامات غدا فعطبت أو سرقت أو استحقت فذكر
المصنف قولين ومذهب المدونة الحنث ، وأما الشرعي فكما لو حلف ليطأنها الليلة فوجدها حائضا أو ليبيعن الأمة فوجدها حاملا ، وذكر
المصنف فيه قولين ومذهب المدونة الحنث ، ونص
سحنون في مسألة البيوع على عدم الحنث ، ووقع
لابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=16741وابن دينار فيمن حلف ليطأن امرأته الليلة فقام فوجدها حائضا إن فرط قدر ما يمكنه الوطء حنث وإلا فلا .
واختاره
ابن حبيب وابن يونس ، وإنما فرق
ابن القاسم بين
[ ص: 289 ] الموت والسرقة والبيع ; لأن الفعل في الميت لا يمكنه ألبتة ، بخلاف السرقة والبيع فإن الفعل يمكنه إذا أمكن من ذلك ، ومنع الشرع منه أو العادة لا يمنع بعض الحالفين من قصده ، فلا يعذر بفعل السارق ونحوه ; لأن من أصل
ابن القاسم أن الحالف ليفعلن لا يعذر بالإكراه والغلبة إلا أن ينوي ذلك
ابن بشير وهذا الخلاف إنما هو إذا أطلق اليمين ، وأما لو خص وقال : قدرت على الفعل أم لا ، فلا يختلف في حنثه ، ولو قال : إن أمكنني فلم أفعل ، فلا يختلف في نفي حنثه . فقول
المصنف وحنث إن لم تكن له نية ولا بساط يشير به إلى ما ذكره
ابن بشير يعني ، وأما إن كانت له نية أو بساط فلا حنث ، وأما إن لم تكن له نية ، ولا بساط حنث بفوت ما حلف عليه ، ولو كان المانع من الفعل أمرا شرعيا كالحيض المانع من وطء الزوجة المحلوف عليها ، أو كان المانع أمرا عاديا كسرقة الشيء المحلوف عليه ، وظاهره سواء كان الفعل مؤقتا أو غير مؤقت كما تقدم وأشار بلو إلى الخلاف ، وذكر في الإرشاد أن الفوت يكون بفوت الزمان ونصه : ويتحقق الحنث بفوت المحلوف عليه كقوله : لأدخلن اليوم فغربت الشمس ولم يدخل ، انتهى . ثم أشار إلى ما إذا كان المانع من فعل المحلوف عليه أمرا عقليا بقوله : لا بكموت حمام في ليذبحنه هذا إذا كان الفعل مؤقتا أو غير مؤقت وبادر ولم يفرط ، وأما إن كان غير مؤقت وفرط فإنه حانث كما تقدم فيحتاج كلام
المصنف إلى تقييده بإخراج هذه الصورة ، وانظر
ابن عرفة وانظر رسم العرية من سماع
عيسى من كتاب النذور ، وفي مسألة من حلف على ابنته لا تضع صداقها ، وانظر رسم أوصى من سماع
عيسى من التخيير والتمليك فيمن حلف ليقتر على امرأته الليلة ، ورسم أوصى من سماع
عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق ، وانظر رسم لم يدرك من سماع
عيسى من الأيمان بالطلاق فيمن حلف لربيبته ورسم الجنائز والذبائح من سماع القرينين من النذور ، وفي مسألة الحالفة لزوج ابنتها ، وانظر رسم الطلاق من سماع القرينين من الأيمان بالطلاق في الحالف ليطأن امرأته الليلة ، ورسم الطلاق الأول منه في الحالف لرجل لأخاصمنك عند فلان فيموت .
( فرع ) إذا
حلف بعتق عبده فباعه عليه السلطان في دين ، فمتى عاد إليه عادت اليمين إلا أن يعود إليه بميراث ، فلا شيء عليه قاله
القرافي ، وذكر الفرق بينهما فانظره وانظر القاعدة الثانية من قواعد الأيمان من مختصر القواعد والله تعالى أعلم