ص ( وثوب مرضعة تجتهد )
ش : أي
وعفي عما يصيب ثوب المرضعة يريد وجسدها كما صرح به في التوضيح وغيره حال كونها مجتهدة في التحفظ منه . قال في المدونة وتدرأ البول جهدها وتغسل ما أصاب ثوبها من البول جهدها . قال
ابن فرحون وما رأته من ذلك فلا بد من غسله وإنما يعفى عما قد يصيبها ، ولا تعلم به ; لأن ثوب المرضع لا يخلو من إصابة بول ، أو غيره انتهى .
وما ذكره
ابن فرحون من أن ما رأته لا بد من غسله خلاف ما يفهم من عبارة التوضيح
وابن عبد السلام nindex.php?page=showalam&ids=13612وابن هارون وصاحب الجواهر
وابن ناجي وغيرهم أنها إذا اجتهدت في درء البول فإنه يعفى عما يصيبها بعد ذلك ، ولو رأته وأنها إنما تؤمر بغسله إذا تفاحش وسيأتي لفظ الجواهر
وابن ناجي عند قول
المصنف وأثر دمل لم ينك وصرح بذلك
ابن الإمام أيضا ، فقال : وأما قوله في المدونة : ولتغسل ما أصاب ثوبها منه جهدها فالظاهر أنه استحباب ; لأنها مع اجتهادها في درئه كالمستنكحة انتهى .
وقال
ابن عطاء الله - رحمه الله تعالى - في شرح المدونة بعد قوله وتدرأ البول جهدها فتكون كالمستحاضة وأصحاب الأسلاس ، فقول
ابن فرحون في
[ ص: 145 ] شرحه ما رأته منه فلا بد من غسله وإنما يعفى عما قد يصيبها ولا تعلم به ; لأن ثوب المرضع لا تخلو من إصابة بول ، أو غيره - مخالف لذلك والظاهر الأول والله - تعالى - أعلم .
( تنبيهات الأول ) قول
ابن فرحون من إصابة بول ، أو غيره فظاهره أنه يعفى عما يصيبها من غائطه . وقال
ابن الإمام : بذلك بعد ذكره العفو عن بوله لعسر الاحتراز منه لكثرة سيلانه وعدم انضباط أحواله ولحوق المشقة العظيمة بتكرر غسله وهذا بخلاف غائطه قال : ولم أر من تعرض له من أصحابنا انتهى . مختصرا بالمعنى .
(
قلت : ) والذي في عبارة أهل المذهب العفو عن بوله .
( الثاني ) قول
المصنف تجتهد ، ظاهر المدونة أنه على الوجوب وصرح بذلك
ابن الإمام ، فقال : الظاهر أنه شرط في العفو ولم أر من تعرض له من أصحابنا ثم حمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب على ذلك .
(
قلت : ) وكلام أهل المذهب صريح في اشتراط ذلك نعم وقع في عبارة
البرزلي أن ذلك على جهة الاستحباب . قال في أوائل مسائل الطهارة سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12108أبو عمران عمن له صنعة يحتاج لوضع الزبل فيها فيضطر إلى أن يصيب ثوبه . فأجاب بأنه يتنجس الثوب بما أصابه من ذلك فيعد ثوبا للصلاة فإن لم يقدر وحضرت الصلاة فليصل به ، ولا يتركها حتى يخرج وقتها .
البرزلي إن كان مضطرا للصنعة ، ولا يصلحها إلا ذلك فهو كثوب المرضع وفرس الغازي بأرض العدو ويغتفر ذلك كما في الروايات وما ورد فيها من أنها تجتهد في أن لا يصيبها ، أو يكون لها ثوب غير الذي ترضع فيه إنما هو استحباب انتهى .
والظاهر من كلام أهل المذهب الأول .
( الثالث ) قال
ابن ناجي : ظاهر المدونة خصوصية الأم ، ولو كانت ظئرا مثلا ما عفي عنها وهو خلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب والمرأة ترضع وتجتهد والأقرب ردهما إلى وفاق فإن كانت الظئر مضطرة إلى ما تأخذه عفي عنها وإلا فلا . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13612ابن هارون لا فرق في ذلك بين الأم وغيرها يجب رده إليه . وقول شيخنا يعني
البرزلي الظئر كالأم مطلقا يقيد ولذا قال بعض أصحابنا تدخل الظئر ; لأنها أم بالرضاع والعلة فيها موجودة فلا معنى للتوقف انتهى .
يعني أنه يقيد وكأنه يشير إلى
المشذالي فإنه قال بعد أن نقل عن
الوانوغي أن الجزار والكناف كذلك ، وانظر الظئر هل هي كالأم ، أو لا ما نصه .
(
قلت : ) إذا صح عنده إلحاق الأولين للمشقة فكذلك الأخرى ، وقد يقال لا نسلم عدم شمول اللفظ لها وذكر ما تقدم وتوقف
ابن عطاء الله في الظئر أيضا وما اختاره
ابن ناجي من التفصيل ظاهر وبه جزم في التوضيح ، فقال هذا ظاهر إذا كان ولدها ، أو غيره واحتاجت ، أو كان لا يقبل غيرها فأما مع عدم الحاجة فلا انتهى ، وجزم به
ابن الإمام والله - تعالى - أعلم .
وما ذكره
الوانوغي من إلحاق الجزار والكناف ذكره
ابن الإمام أيضا عن بعض متأخري أشياخ
المغرب .
ص (
وندب لها ثوب للصلاة )
ش : لفظ الأمهات . وأما الأم فأحب إلي أن يكون لها ثوب ترضع فيه فاختصرها
البراذعي وغيره على الاستحباب وعلى ذلك حملها شراحها . قال
سند قال
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق هذا استحسان وإلا فما يلزمها نزع ثوبها ، وإن قدرت على غيره ; لأنه أمر يتكرر فأشبه ما إذا كانت مستنكحة ، والذي قاله متجه سيما في حق من لا يجد ثوبين انتهى .
ونحوه
لأبي الحسن وابن ناجي ويفهم منه أنه لا يلزمها غسل ما رأت بعد الاجتهاد وتبعهم على ذلك أكثر المتأخرين . ونقل
ابن فرحون عن
الشيخ تقي الدين أنها لا يجوز لها الصلاة في ثوبها مع القدرة على ثوب طاهر انتهى .
وهو خلاف المعروف في المذهب . قال
ابن عبد السلام ولم يقولوا مثل ذلك في صاحب الدمل والجرح ; لأن سبب عذر الأول متصل به وسبب عذر هذه منفصل عنها انتهى .
وأصله
لسند بأبسط من ذلك . قال في الفرق بين صاحب السلس والمستحاضة وشبههما وبين المرضع : إن الأولين لا يمكنهما الصيانة من خروج النجاسة في الصلاة
[ ص: 146 ] فلا فائدة في تجديد الثوب بخلاف المرضع ، والله - تعالى - أعلم .
( تنبيه ) عد
ابن ناجي من الثمانية الأثواب التي لا يؤمر بغسلها إلا عند التفاحش ثوب المرضع فظاهره أنه يؤمر بغسله عند التفاحش .