مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وخف ونعل من روث دواب وبولها إن دلكا لا غيره )

ش : الروث عبارة عن رجيع غير ابن آدم يعني أنه يعفى عن أثر ما يصيب الخف وعما يصيب النعل من أرواث الدواب وأبوالها ، ولو كانت [ ص: 154 ] رطبة كما قاله في المدونة بشرط أن يدلك ذلك فإذا دلكه جاز له أن يصلي بذلك الخف والنعل والعلة في ذلك المشقة وهو الذي ارتضاه ابن الحاجب لا لكون الأرواث مختلفا في نجاستها وكان مالك يقول بعدم العفو ثم رجع إلى العفو لعمل أهل المدينة ولابن حبيب ثالث بالعفو عن الخف دون النعل .

( تنبيهات الأول ) قال في التوضيح نص سحنون على أن العفو خاص بالمواضع التي تكثر فيها الدواب . وأما ما لا يكثر فيه الدواب فلا يعفى عنه ولم ينبه المصنف على هذا القيد والظاهر اعتباره وفي كلام ابن الحاجب إشارة إليه ; لأنه قال للمشقة والمشقة إنما هي مع ذلك وقد يقال إنما سكت المصنف عن ذلك ; لأنه قدم أن العفو إنما هو بما يعسر الاحتراز منه .

( الثاني ) الدلك هو المسح بالتراب ، أو غيره قال ابن الإمام لكن ينبغي أن يقتصر على التراب لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور } رواه أبو داود ; لأنه بدل من الماء في التيمم ويجوز بالخرق ونحوها كالاستجمار قال سند : ويمسح حتى لا يخرج المسح شيئا كما في الاستنجاء ولا يشترط زوال الريح كما في الاستنجاء وهو ظاهر ; لأن المأمور به في الأحاديث إنما هو مسحه ، وقد أتى به ، انتهى بالمعنى مختصرا .

( الثالث ) إذا عفي عن ذلك في الخف والنعل وقلنا تجوز الصلاة فيهما فيجوز إدخالهما في المسجد والمشي بهما فيه والصلاة فيهما فيه من باب أولى قاله ابن الإمام وهو ظاهر ثم قال ابن الإمام : إلا أن يكون المسجد محصرا فإن ذلك يقذره ويفسد حصره فيمنع من المشي بهما فيه ، انتهى بالمعنى وهو ظاهر أيضا . وقد تقدم حكم الصلاة في النعل وإدخالهما المسجد والله تعالى أعلم .

( الرابع ) كل ما يمشى به كالإقراف والسمسكين فإنه بمنزلة النعل والخف كما ذكره ابن الإمام ونقله عن ابن راشد .

وقوله لا غيره يعني أن غير أرواث الدواب وأبوالها إذا أصاب الخف ، أو النعل لا يعفى عنه ، ولا بد من غسله كالدم والعذرة وبول بني آدم وخرء الكلاب وما أشبهها قاله في سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة قال سند ومثلها الدجاج المخلاة .

( قلت : ) ومثل ذلك روث الهرة وبولها والعلة ندور ذلك في الطرقات ، وكذلك قال ابن العربي في العارضة إذا وطئ على دم ، أو عذرة لم يكن بد من الغسل ; لأن ذلك في الطرقات نادر فإن كثر صار كروث الدواب انتهى .

والروث عبارة عن رجيع غير ابن آدم قاله في العارضة لا يصح عود الضمير في غيره إلى الخف والنعل فلا يعفى عن غير الخف والنعل من الثياب والأبدان ; لأنه وإن كان الحكم كذلك لا يلائم قوله فيخلعه الماسح لا ماء معه ويتيمم إلى آخره فتأمله .

( فائدة ) ذكر ابن ناجي عند كلامه على دم البراغيث في شرح المدونة والرسالة ثمانية أشياء يجزي فيها زوال النجاسة بغير الماء وهي النعل والخف والقدم والمخرجان وموضع الحجامة والسيف الصقيل والثوب والجسد انتهى .

وسيأتي أن الثوب والبدن لا يجزي مسحهما في مسألة السيف الصقيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية