ص ( أو فلان من أهل الجنة )
ش : ليس هذا
[ ص: 72 ] من أمثلة ما لا يعلم حالا ويعلم مآلا وإنما هو من أمثلة ما لا يعلم حالا ومآلا كما قاله في التوضيح وكان الأنسب ذكره هناك ( فروع . الأول ) قال في رسم جاع من سماع
عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في
الرجل يقول لامرأته أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة إنها طالق ساعته إذ قال
ابن القاسم : وإن لم أدخل الجنة مثله قال
ابن رشد : ساوى
ابن القاسم بين أن يحلف أنه من أهل الجنة أو يحلف ليدخلن الجنة ومثله
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك في المبسوط إذا حلف على ذلك حتما ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد : لا شيء عليه وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ولا يخلو الحالف على هذا من أن يريد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يدخلون النار أو من أهل الجنة الذين لا يخلدون أو لا نية له فأما إن أراد أنه من الذين لا يدخلون النار فتعجيل الطلاق عليه بين ظاهر وذكر وجه ظهوره ثم قال في آخر كلامه : فلا ينبغي أن يختلف في هذا الوجه وأما إن أراد أنه من الذين لا يخلدون فالمعنى في يمينه أنه لا يكفر بعد أيمانه فالحالف على هذا حالف على ما أمر به من الثبوت على الإسلام فهذا بين أنه لا شيء عليه ; لأنه إنما هو حالف على أنه لا يكفر فلا ينبغي أن يختلف في هذا أيضا وأما إن لم تكن له نية فالظاهر من مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم أن يمينه تحمل على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق والأظهر أن يفرق بين اللفظين فيحمل قوله إن لم يكن من أهل الجنة على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق ويحمل قوله إن لم أدخل الجنة على الوجه الثاني فلا يكون عليه شيء وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب بناء على حمل قوله على الوجه الثاني ولا يتأول عليهما أنهما حملاه على الوجه الأول ولم يوجبا طلاقه ; لأنه خروج إلى الإرجاء ، انتهى .
( فائدة ) نقل
ابن عرفة إثر نقله هذه المسألة أن
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون يقول : إخبار المرء عن إيمان نفسه جزم فقط
وابن عبدوس يجيز تقييده بإن شاء الله ثم قال وفي الإخبار عمن سمع لفظ إيمانه بأنه مؤمن عند الله مطلقا أو بقيد قوله إن وافقت سريرته علانيته قولا
nindex.php?page=showalam&ids=12638ابن التبان والشيخ ، انتهى . وقال في أوائل كتاب الجامع من الذخيرة مسألة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد في جامع المختصر قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أقول أنا مؤمن والله محمود أو إن شاء الله ، فقال : قل مؤمن ولا تقل معها غيرها معناه لا تقل إن شاء الله وهذه مسألة خلاف بين العلماء ، قال
الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما : يجوز إن شاء الله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وغيره : لا يجوز لأن الإيمان يجب فيه الجزم ولا جزم مع التعليق ، وقال غيرهم : بل يجوز لأحد وجوه إما أن يريد المستقبل وهو مجهول حصول الإيمان فيه أو يريد يقع الإيمان الحاضر في المستقبل وهو مجهول الحصول أو يكون للتبرك لا للتعليق ، انتهى .
الثاني ، قال
البرزلي في مسائل الأيمان : وسئل
أبو القاسم الغبريني عمن
حلف بالطلاق ما يموت إلا على الإسلام إدلالا على كرم الكريم هل يكون عليه شيء أم لا جوابها إذا كان مراده بذلك أنه لا يكفر بعد إيمانه ولا ينتقل عن إسلامه فهذا بين أنه لا شيء عليه ; لأنه إنما حلف أن يثبت على إسلامه
البرزلي وسكت عن مراده إن قصد حسن الخاتمة أو دخول الجنة وعندي أنها تجري على مسألة من حلف أنه من أهل الجنة والمشهور الحنث وقيل لا حنث عليه ومنهم من يفرق بين أن يستدل عليه ويثبت له دليل بالأحاديث مثل حلفه على
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه من أهل الجنة فلا يلزمه يمين وإلا لزمه الحنث لأن العلماء أجمعوا على عدالته ورأيت في بعض كتب التصوف أن بعض أمراء بني العباس حلف أنه يدخل الجنة فاستفتى الفقهاء فأفتوه بالحنث إلا رجلا منهم ، قال له : عرض لك معصية قط وتركتها لوجه الله ، قال : نعم واعدت امرأة لأفعل بها فلما تحصلت لي وهممت بالفعل خفت من الله وتركت شهوتي ، فقال : لا حنث عليك لقوله تعالى {
: وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } ورأيت فيه أيضا في
رجل صعد لشجرة عريانا فحلف آخر أنك لا تنزل إلا [ ص: 73 ] مستورا ولا يمد أحد إليك لباسا فأفتوه بالحنث إلا رجلا منهم ، قال له : انزل بالليل ولا حنث على الحالف لقوله تعالى {
: وجعلنا الليل لباسا } ا هـ .
(
قلت ) وهذا جار على مذهب أهل
العراق الذين يراعون ظواهر الألفاظ لا المقاصد والآتي على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله حنثه إلا أن يدل سياق على ما قال : وعكس هذه المسألة إذا
حلف أن nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج من أهل النار فاختلف فيها أيضا ; لأنه من أهل القبلة وقد رأيت بعض الفقهاء أفتاه بعدم الحنث ، وقال : إن كان هذا حانثا فجنايته أقل من جناية
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ومع ذلك رجي له النجاة وإن كان صادقا فقد وافق ونزلت قضية وهي أن رجلا
حلف بالثلاث أن تبارك الملك تجادل عنه فاستفتى بعض أصحابنا ، فقال : تطلق عليه لأن هذا مظنون وقلت أنا لا حنث عليه لوجوه منها أنه حلف على أنها تجادل عنه وهذا من العمليات ونص الأصوليون على أن العمل بخبر الآحاد قطعي بخلاف ما لو حلف على أن هذا الحديث صحيح وخبر الآحاد مظنون غير مقطوع به ومنها أن هذا الحديث ثبت في الموطإ وحكى في المدارك عن بعض عدول المحدثين أنه إذا
حلف الإنسان أن كل ما وقع في الموطإ صحيح فإنه لا يحنث ومنها أن الأحكام مبنية على غلبة الظنون واحتج من خالف بأن من قال : تجادل عن صاحبها وكيف يعرف أنه من أصحابها فأجبته إذا ثبت له وصف الصحبة المذكورة في أصحابه صلى الله عليه وسلم على أكمل وجوه ما قيل فيها من كثرة الملازمة لقراءتها وتحصيل ما أوجب ثلوج صدره بأنه كذلك وهو مستفت وكذا وقع السؤال هل
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج أعظم معصية من
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أو بالعكس فوقع الجواب أن على القول بأن مذهبه يقود إلى الكفر فهو أعظم وإن قلنا يقود إلى الفسق فيقع التردد في الترجيح لأن معصية
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري مما يرجع إلى الذات الإلهية ومعصية
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بالجوارح لكنها تتعلق بحق المخلوقين وقد قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : رضي الله عنها ذنب لا يتركه الله وهو مظالم العباد وذنب لا يعبأ الله به وهو ما بين العبد وبين خالقه وذنب لا يغفره الله وهو الشرك بالله وإن كان في صحة هذا الأثر مقال ذكره
عز الدين وكان يتقدم الترجيح أن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج أعظم جرما لأن أفعاله تدل على عدم إيمانه مع كثرته وجراءته على الصحابة والتابعين وخيرة هذه الأمة ، انتهى ، والله أعلم . وما ذكره فيمن
حلف على nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه من أهل الجنة ذكره في العتبية في أول سماع
عبد الملك بن الحسن في كتاب الأيمان بالطلاق ونصه ، قال
عبد الملك وأخبرني غير واحد من المصريين أن
ابن القاسم عن
رجل ، قال لامرأته : أنت طالق إن لم يكن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في الجنة ، قال
ابن القاسم : لا حنث عليه وأخبرني من أثق به عن
ابن القاسم في
أبي بكر مثل ذلك ، قال
ابن الصلت : وسمعت
ابن القاسم يقول في
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز مثل ذلك ، قال
ابن رشد : أما من
حلف بالطلاق أن أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما من أهل الجنة فلا ارتياب في أنه لا حنث عليه وكذلك القول في سائر العشرة أصحاب حراء الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وكذلك من جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح أنه من أهل الجنة
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام فيجوز أن يشهد له بالجنة وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز فتوقف
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله في تحنيث من حلف عليه أنه من أهل الجنة ، وقال : هو إمام هدى وهو رجل صالح ولم يزد على هذا ; لأنه لم يرد فيه نص يقطع العذر ووجه ما ذهب إليه
ابن القاسم التعلق بظاهر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9395إذا أردتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء } وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7036أنتم شهداء الله في أرضه من أثنيتم عليه بخير وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه بشر وجبت له النار } وقد حصل الإجماع من الأمة على حسن الثناء عليه والإجماع معصوم لقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33012لم تجتمع أمتي على ضلالة }
[ ص: 74 ] انتهى .
وما ذكره
البرزلي عن المدارك فيمن
حلف أن كل ما في الموطإ صحيح أنه غير حانث ذكره في مختصرها أيضا ، وقال
ابن فرحون في الديباج المذهب لما تكلم على الموطإ وثناء الناس عليه ، قال
أبو زرعة : لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث الموطإ التي في الموطإ أنها صحاح كلها لم يحنث ولو حلف على حديث غيره كان حانثا ، انتهى ، والله أعلم .