قال
ابن عبد السلام : وانظر لو
اشترى الغاصب السلعة من ربها بأقل مما باعها به للأجنبي هل يكون له ما بين الثمنين أو لا ، وقد قال محمد : فيمن تعدى على سلعة رجل فباعها بغير أمره ثم اشتراها ممن باعها به ليس له ربح ; لأنه ربح ما لم يضمن أو يفرق بينهما بأن الغاصب ضامن ولم يكن المتعدي في مسألة
محمد ضامنا
ص ( وهل إن رد لربه مدة تردد )
ش : أي اختلف المتأخرون في النقل عن المتقدمين هل يشترط ذلك أم لا فقال
ابن عبد السلام : أكثر نصوصهم أنه لا يجوز البيع للغاصب إلا بعد أن يقبضه ربه ويبقى بيده مدة طويلة حدها بعضهم بستة أشهر فأكثر ، ورأى أن بائعه إذا باعه على غير ذلك وهو مضغوط أن يبيعه ببخس مكرها استخلاصا لبعض حقه انتهى . وحكى
ابن رشد أنه إذا اشتراها ، وعلم أنه عازم على رده جاز البيع باتفاق ، ونقله عنه في التوضيح ، وإلى هذين النقلين أشار بالتردد
قلت : والظاهر ما قاله
ابن رشد ففي كتاب الصرف من المدونة في ترجمة الذي يصرف الدنانير بدراهم ثم يصرفها بدنانير ، ولو غصب جارية جاز أن يبيعها منه وهي غائبة ببلد
[ ص: 269 ] آخر انتهى . وقال في التوضيح : بعد أن نقل كلام
ابن عبد السلام ، والذي في المدونة ، وغيرها جواز ذلك ، والله أعلم . ويفهم من كلام
المصنف أنه إذا كان الغاصب غير عازم رد المغصوب إلى ربه لم يجز البيع وهو كذلك قال في التوضيح عن
ابن رشد : اتفاقا ، وإن أشكل أمره فقولان يستروح من كلام
المصنف ترجيح المنع .
( تنبيه ) : حيث قلنا لم يجز البيع فالمعنى أنه لا يصح ولا يلزم البائع ، وليس المراد أنه يحرم عليه أن يأخذ من الغاصب ثمنا ; لأنه يستخلص من حقه ما قدر عليه فتأمله والله أعلم .
ص
( ، وللغاصب نقض ما باعه إن ، ورثه لا اشتراه )
ش : هذه مسألة الغصب من المدونة ، وتصورها ظاهر وكذا من تعدى على ملك غيره فباعه قال في كتاب الغرر من المدونة
: ومن تعدى في متاع عنده ، وديعة فباعه ثم مات ربه فكان المتعدي وارثه فللمتعدي نقض ذلك البيع إذا أثبت التعدي ، وهو بيع غير جائز انتهى قال
nindex.php?page=showalam&ids=16308عبد الحق : في كتاب الغصب من النكت ، وإذا
تعدى على سلعة رجل فباعها ثم ، ورثها عنه فله نقض البيع ، وإذا تعدى على سلعة رجل فباعها ثم اشتراها من ربها ليس له نقض البيع ، والفرق بين ذلك على مذهب
ابن القاسم فيهما أنه إذا ورثها ، فلم يجرها إلى نفسه ، وإنما جرها الميراث ، وإذا اشتراها ، فهو الذي اجترها فكأنه أراد أن يحلل صنيعه انتهى . ونقل
الشيخ أبو الحسن : في شرح مسألة كتاب الغرر عن
ابن يونس نحو كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16308عبد الحق ، ونص كلام
ابن يونس ، ولو اشتراها من ربها لم يكن له نقض بيعه بخلاف أن لو ، ورثها ; لأن الميراث لم يجره إلى نفسه والشراء من سببه ، فليس له أن يفعل فعلا يتسبب به إلى نقض عقده انتهى . وقال
ابن عبد السلام : الحال في الغاصب والمتعدي واحدة باعتبار هذه المسألة .
( فرع ) : وإذا قلنا له نقض ما باعه إذا ورثه فإذا
مات مورثه ، وسكت بعد موته ، ولم ينقض البيع لم يكن له نقضه بعد ذلك ، وانظر هل يبطل حقه ولو سكت بعد الموت شيئا يسيرا لم أر في ذلك نصا ، ولا شك أنه إن سكت عاما بطل حقه على ما سيأتي في بيع الفضولي ، وإن كان أقل من ذلك فالظاهر أيضا البطلان ، وانظر هل يعذر بالجهل أم لا ، والظاهر أنه لا يعذر بذلك ، والله أعلم .
( فرع ) : ولو كان
له حصة في دار فباع جميعها ثم ورث حصة غيره التي تعدى عليها فله نقض البيع فيها ثم أخذ حصته بالشفعة قاله في سماع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون من كتاب الغصب ، وفي سماع
أبي زيد من كتاب الشفعة .