مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وفسد منهي عنه إلا بدليل ) ش لما انقضى الكلام على البيع الصحيح وما يعرض له أخذ يتكلم على البيع الفاسد وجعل هذا الكلام مقدمة له والمذهب أنه يدل على فساد المنهي عنه قال ابن عبد السلام : وهذا هو المشهور في مذهبنا ، وقال ابن مسلمة في الفاسد المختلف فيه إنه يمضي وقوله إلا بدليل نحوه لابن الحاجب قال ابن عبد السلام : أي إلا بدليل منفصل يدل على أن بيعا خاصا لا ينقض ا هـ . ولعل من أمثلة ذلك ما يأتي في بعض البيوع أنه لا يجوز ويمضي كما في تلقي السلع وفي بعضها أنه يمضي على صفة ولا يمضي على أخرى كتفريق الأم من ولدها فإنه إن جمعاهما في ملك واحد مضى ونحو ذلك

ص ( كحيوان بلحم من جنسه إن لم يطبخ ) ش روى مالك في مراسيل ابن المسيب عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع اللحم بالحيوان } قال ابن عرفة ، قال أبو عمر : لا أعلمه يتصل من وجه ثابت وأحسن أسانيده مرسل سعيد هذا ا هـ . وقال ابن عبد السلام عن ابن المسيب من ميسر بيع الجاهلية : بيع اللحم بالشاة والشاتين قال أبو الزناد : قلت لابن المسيب أرأيت رجلا يشتري شارفا بعشرة شياه ، فقال : إن كان اشتراها ليسخرها فلا خير في ذلك قال أبو الزناد : وكان من أدركت ينهون عن بيع اللحم بالحيوان ، قال : وكان ذلك يكتب في عهود العمال في زمان أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل ينهون عن ذلك ا هـ .

والحديث عام في كل لحم بحيوان لكنه عند مالك ليس محمولا على عمومه بل مخصوص عنده رضي الله عنه ببيع اللحم بنوعه من الحيوان ; لأن بيع اللحم بالحيوان بيع معلوم بمجهول من جنسه فهو من المزابنة وهي إنما تمتنع في الجنس الواحد ; ولهذا قال المصنف : كحيوان بلحم جنسه وأما لحم الطير بالغنم ولحم الغنم بلحم الطير أو الحوت فجائز قال في التوضيح : إن المزابنة شرطها اتحاد الجنس ا هـ .

( تنبيه ) أطلق المصنف وابن الحاجب في بيع الحيوان بلحم جنسه وهو مقيد بالحيوان المباح الأكل قال في التوضيح لما علل بالمزابنة وفي هذا إشارة إلى أنه لو كان غير مباح الأكل لجاز بيعه باللحم وهو كذلك فيجوز بيع الخيل باللحم لعدم المزابنة حينئذ ا هـ . وروي عن أشهب جواز بيع اللحم بالحيوان قال ابن عرفة : والمعروف عنه كقول مالك ا هـ . وفي السلم الثالث من المدونة ومحل النهي عن اللحم بالحيوان إنما ذلك من صنع واحد لموضع التفاضل فيه والمزابنة فذوات الأربع الأنعام والوحش كلها صنف واحد لا يجوز التفاضل فيه ويجوز لحم طير بحي من الأنعام والوحش والحوت بالطير كله أحياء نقدا أو إلى أجل وما كان من الطير والوحش والأنعام لا يحيا وشأنه الذبح فلا خير فيه بالحوت ولا باللحم من غير صنفه إلا يدا بيد وكل شيء من اللحم يجوز فيه التفاضل فجائز فيه الحي بالمذبوح ثم قال : ولا بأس بلحم الأنعام بالخيل وسائر الدواب نقدا أو مؤجلا ; لأنها لا تؤكل لحومها وأما بالهر والثعلب والضبع فمكروه لاختلاف الصحابة في أكلها ومالك يكره أكلها من غير تحريم ولا بأس بالجراد بالطير وليس هو لحما ويجوز واحدة من الجراد باثنتين من الحوت يدا بيد إذ ليس الجراد من الطير ولا من دواب الماء ا هـ . ثم قيد المصنف المنع بأن لا يطبخ اللحم فإن طبخ جاز بيعه بالحيوان

[ ص: 362 ] من جنسه ; لأن اللحم بالطبخ ينتقل عن جنسه ويجوز فيه التفاضل فلا يجوز في الحيوان من باب أولى ونقل ابن الحاجب في ذلك قولين فقال في التوضيح تبعا لابن عبد السلام ظاهر كلامه أن القولين بالجواز والمنع والذي حكاه ابن المواز أن ابن القاسم أجازه وأشهب كرهه

التالي السابق


الخدمات العلمية