ص ( ولم يرد بغلط إن سمى باسمه )
ش : أصل هذه المسألة في رسم الأقضية الثاني من سماع
أشهب من جامع البيوع .
قال سئل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عمن
باع مصلى فقال المشتري أتدري ما هذا المصلى ؟ هي - والله خز - فقال البائع : ما علمت أنه خز ، ولو علمته ما بعته بهذا الثمن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : هو للمشتري ، ولا شيء للبائع لو شاء استبرأه قبل بيعه ، وكذا لو باعه مرويا ، ثم قال : لم أعلم أنه مروي إنما ظننته كذا وكذا ، أرأيت لو قال : مبتاعه ما اشتريته إلا ظنا أنه خز ، وليس بخز فهذا مثله ، وكذا من باع حجرا بثمن يسير ، ثم هو ياقوتة ، أو زبرجدة تبلغ مالا كثيرا لو شاء استبرأه قبل البيع بخلاف من قال : أخرج لي ثوبا مرويا بدينار فأخرج له ثوبا أعطاه إياه ، ثم وجده من أثمان أربعة دنانير هذا يحلف ويأخذ ثوبه قال
ابن رشد في سماع
أبي زيد : خلاف هذا أن من اشترى ياقوتة ، وهو يظنها حجرا ، ولا يعرفها البائع ، ولا المبتاع فيجدها على ذلك ، أو يشتري القرط يظنه ذهبا فيجده نحاسا أن البيع يرد في الوجهين ، وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يسم أحدهما الشيء بغير اسمه ، وإنما سماه باسم يصلح له على كل حال ، ثم قول البائع : أبيعك هذا الحجر ، أو قول المشتري : بع مني هذا الحجر فيشتريه ، وهو يظنه ياقوتة فيجده غير ياقوتة ، أو يبيع البائع يظن أنها ياقوتة فإذا هو غير ياقوتة فيلزم المشتري .
وإن علم البائع أنها غير ياقوتة والبائع البيع ، وإن علم المشتري أنها ياقوتة على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، ولا يلزم ذلك في الوجهين على ما في سماع
أبي زيد ، وأما إذا سمى أحدهما الشيء بغير اسمه مثل أن يقول البائع : أبيعك هذه الياقوتة فيجدها غير ياقوتة ، أو يقول المشتري : بع مني هذه الزجاجة ، ثم يعلم البائع أنها ياقوتة فلا خلاف في أن الشراء لا يلزم المشتري والبيع لا يلزم البائع ، وكذلك القول في المصلى وشبه ذلك ، وأما القرط يظنه المشتري ذهبا ، أو يشترط أنه ذهب فيجده نحاسا فلا خلاف أن له أن يرده إذا كان قد صنع على صفة أقراط الذهب ، أو كان مغسولا بالذهب .
وقد اختلف إذا أبهم أحدهما لصاحبه في التسمية ، ولم يصرح فقال
ابن حبيب : إن ذلك يوجب الرد كالتصريح ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح القاضي أنه اختصم إليه رجل مر برجل معه ثوب مصبوغ الصبغ الهروي ، فقال : بكم هذا الهروي فقال بكذا فاشتراه ، ثم بين أنه ليس بهروي ، وإنما صبغ صبغ الهروي فأجاز بيعه .
قال : ولو استطاع أن يزين ثوبه بأكثر من هذه الزينة قال عبد الملك : لأنه إنما باعه هروي الصبغ حتى يقول : هروي هراة فعند ذلك يرده ، وذلك عندي اختلاف من قوله : وقد قال بعض الشيوخ : إنه إذا باع الحجر في سوق الجوهر فوجده حجرا كان للمبتاع القيام ، وإن لم يشترط أنه جوهر ، وإن باعه
[ ص: 467 ] في غير الميراث ، أو في غير سوق الجوهر لم يكن له قيام على هذا القياس وشبهه ، وهذا عندي يجري على الاختلاف الذي ذكرته في الألغاز ووجه تفرقة
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بين الذي يبيع الياقوتة جاهلا وبين من قصد إخراج ثوب بدينار فأخرج ثوبا بأربعة أن الأول جهل وقصر إذا لم يسأل من يعلم ما هو ، والثاني غلط ، والغلط لا يمكن التوقي منه ، فيكون له أن يحلف .
ويأخذ ثوبه إذا أتى بدليل على صدقه من رسم ، أو شهادة وقوم على حضور ما صار به إليه في مقاسمة ، أو ما أشبه ذلك ، والرجوع بالغلط في بيع المرابحة متفق عليه ، وفي بيع المكايسة يختلف فيه ، وقد مضى القول على ذلك في أول رسم من سماع
ابن القاسم ، وليس في هذه الرواية بيان أن البيع مرابحة ، أو مكايسة ا هـ .
باختصار يسير ، والذي في سماع
ابن القاسم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في البزاز يبيع فيأمر بعض قومه بدفعه ، ثم يقول بعد انصراف المبتاع : إن الثوب الذي دفعه إليك ليس بالذي بعتك ، أو كان هو دفعه قال : إن كان أمر بدفعه حلف ورد إليه ، وإن كان دفعه فأرى قوله باطلا ما لم يأت مع قوله أمر معروف من رسم أكثر مما باع به ، أو شهادة قوم قاسموه عرفوه ما قام به عليه ، فإن جاء بشيء من ذلك حلف ورد عليه .
قال
ابن رشد : أما الذي أمر بعض قومه فلا خلاف أن القول قوله مع يمينه أنه ليس الثوب الذي باعه ، فإن حلف رد الثوب ، ودفع الثوب الذي زعم أنه باعه ، وإن نكل لم يكن له شيء إذا كان المبتاع لم يكذبه ، ولا يصدقه ، وأما إن كذبه المبتاع ، وقال : بل هذا الذي بعتني فإنهما يحلفان ، فإن نكلا ، أو حلفا لم يقع بينهما بيع واحد من الثوبين ، وإن نكل أحدهما كان القول قول الحالف إن كان البائع ألزم المبتاع الثوب الذي عينه البائع ، ورد الآخر ، وإن كان المبتاع أخذ الثوب المدفوع ، ولم يلزمه الآخر ، وكذا لو أمر التاجر بعض قومه أن يري رجلا ثوبا فأراه إياه ، ثم باعه على تلك الرؤية ، ثم ادعى أنه غير الثوب الذي أمره أن يريه إياه ، القول قول التاجر مع يمينه يحلف ، ويأخذ ثوبه ، فإن نكل لزمه البيع فيه ، وأما إذا باعه الثوب ، ودفعه هو إليه ، وادعى أنه غلط ، فإن لم تكن له شبهة من رسم ، ولا شيء لم يصدق ، وإن كانت له شبهة فكما لو دفعه وكيله في الوجوه كلها
وأما إذا باع الثوب ، وادعى أن شراءه أكثر مما باعه به ، وأنه غلط فيه ، واختلط له بغيره ، فإن كان البيع مرابحة صدق ، وإن كانت له شبهة من رقم ، أو شهادة قوم على ما وقع به عليه في مقاسمة ، أو شبه ذلك ، واختلف إن ادعى الغلط في بيع المساومة ، وزعم أنه اختلط له بغيره ، وهو ذو أثواب كثيرة فقيل : إنه بمنزلة المرابحة ، وهو ظاهر الرواية ، وما في كتاب الأقضية من المدونة وما في نوازل
سحنون من كتاب العيوب محتمل ، وقيل : البيع لازم ، ولا حجة له فيما ذكر ، وإليه ذهب
ابن حبيب ، وكذلك اختلف في الجهل بصفة المبيع مثل أن يبيع الحجر بالثمن اليسير ، وهو ياقوتة ، وسيأتي الكلام عليه في رسم الأقضية من سماع
أشهب في سماع
أبي زيد ، وأما الجهل بقيمة المبيع فلا يعذر واحد من المتبايعين في ذلك ; إذ لا غبن في بيع المكايسة هذا هو ظاهر المذهب ، وقد حكى بعض البغداديين عن المذهب أنه يجب الرد بالغبن إذا كان أكثر من ثلث وأقام بعض الشيوخ ذلك من مسألة سماع
أشهب من كتاب الرهون ، وليس ذلك بصحيح ; لأنها مسألة لها معنى من أجله وجب الرد من الغبن انتهى .
وقال لما تكلم على مسألة سماع
أبي زيد : ولا اختلاف أن له القيام بالغلط في بيع المرابحة ، وقوله : بيع المساومة لا قيام فيه بالغلط هو المشهور في المذهب انتهى .
وما ذكره عن نوازل
سحنون في كتاب العيوب لم أقف عليه ، ولعله يشير إلى ما في نوازل
سحنون من كتاب البيوع فيمن اشترى أرضا فوجد فيها بئرا عاذبة ، فقال البائع : بعتك شيئا لا أعرفه أنها للمشتري ، ولعل مسألة كتاب الأقضية التي أشار إليها هي
[ ص: 468 ] دعوى أحد الورثة الغلط بعد القسمة فإني لم أر فيه ما يناسب هذا إلا هذه المسألة ، وهي في الأم في كتاب الأقضية ذكرها
البراذعي في كتاب القسمة ، وهذا يوجه بأنه أشار إلى المسألة المذكورة في نوازل
سحنون فتأمله ، ونقل
ابن عرفة - رحمه الله - كلام
ابن بشير جميعه ، وزاد بعد قوله في نوازل
سحنون في كتاب العيوب في بعض الروايات والله أعلم .