مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وصيغتها )

ش : انظر هل مراده بصيغتها أنها لا تنعقد إلا بلفظ الحوالة وعليه حمله الشارح في شروحه ولكنه أتى بعده بكلام البيان ، وهو يدل على خلاف ذلك ، أو مراده أنه لا بد في الحوالة من لفظ يدل على ترك المحال دينه من ذمة المحيل وهذا هو الذي نص عليه في البيان ، ولم يذكر خلافه وعليه اقتصر ابن عرفة قال في أول سماع يحيى من كتاب الحوالة والكفالة قال : يحيى قال ابن القاسم في الرجل يطلب الرجل في حقه فيذهب به إلى غريم له فيقول له : خذ حقك من هذا ، ويأمره بالدفع إليه فيتقاضاه إياه فيقضيه . بعض حقه ، أو لا يقضيه . فيريد أن يرجع على الأول ببقية حقه أن ذلك له وليس هذا بوجه الحق اللازم لمن أحال بحقه ; لأن له أن يقول لم أحتل عليه بشيء وإنما أردت أن أكفيك التقاضي ، وأما وجه الحول اللازم أن يقول أحيلك على هذا بحقك وإبراء ذمتك مما تطلبني ، وأن لا أرجع عليه بحقه ابن رشد هذا كما قال ; لأن الحوالة بيع من البيوع ينتقل بها الدين عن ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يكون ذلك إلا بيقين ، وهو التصريح بلفظ الحوالة أو ما ينوب منابه مثل أن يقول له : خذ من هذا حقك وأنا بريء من دينك ، وما أشبه ذلك .

وقد قال بعض الشيوخ : اتبع فلانا بحقك في حوالة لقوله صلى الله عليه وسلم { ومن أتبع على مليء فليتبع } قال : فلما أتى بلفظ يشبه النص كان حوالة إذا كان ذلك على المحال عليه ، وليس ذلك بالبين وإنما البين في ذلك أن يقول له قد أتبعتك على فلان ، وأما إذا قال اتبع فلانا فيتخرج ذلك على قولين فذكرهما في آخر أول رسم من سماع أشهب من جامع البيوع ، وهو الأمر من الآمر هل يحمل على الإيجاب عليه أم لا اختلف في ذلك قول مالك ا هـ . والقولان اللذان أشار إليهما هما الروايتان في قول البائع : خذ هذا الثوب بكذا هل هو إيجاب للبيع كقوله بعتك أم لا ، وقال ابن عرفة الصيغة ما دل على ترك المحال دينه من ذمة المحيل بمثله في ذمة المحال عليه ا هـ . نعم وقع في عبارة الشيخ أبي الحسن الصغير أن من شروط الحوالة أن تكون بلفظ الحوالة وأطلق ، ونصه : " وللبراءة بالحوالة أربع شروط أن يكون برضا المحيل ، والمحال وأن يكون بلفظ الحوالة ، وأن يكون على أصل دين ، وأن لا يغر من عدم بعلمه فتأمله ، والأول أظهر ، والله أعلم .

ويؤيده ما قال ابن القاسم إذا أتى بلفظ يحتمل الحوالة ويحتمل الوكالة كما إذا قال : خذ الذي لك علي من الدين الذي على فلان فقال ابن القاسم : للمحال أن يرجع على المحيل ، ويقول إنما طلبت منه نيابة عنك لا على أنها حوالة أبرأتك منها ا هـ . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية