ص ( وبهدم بناء بطريق ، ولو لم يضر )
ش : ذكر رحمه الله فيمن
اقتطع سبيلا من طريق المسلمين ، وتزيده وأدخله في بنيانه قولين أحدهما وهو المشهور أنه يهدم عليه ما يزيده من الطريق وأدخل في بنائه ، ولو كان الطريق واسعا جدا لا يضره ما اقتطعه منه ، والقول الثاني أنه إن كان ما اقتطعه يضر بالطريق هدم عليه وإلا فلا ، وهو المشار إليه بلو في قوله ، ولو لم يضر وفهم من كلام
المصنف أن الخلاف المذكور إنما هو بعد الوقوع .
وأما ابتداء فلا يجوز البناء بلا خلاف وهو كذلك ، وكذلك فهم من كلامه أنه لو كان البناء مضرا بالطريق لهدم عليه بلا خلاف وهو كذلك أيضا كما ستقف عليه في كلامهم قال في العتبية في كتاب السلطان في سماع
عبد الملك الملقب بزونان وسألته عن الرجل يتزيد في داره من طريق المسلمين ذراعا ، أو ذراعين فإذا بنى جدارا وأنفق عليه وجعله بيتا قام عليه جاره الذي هو مقابله من جانب الطريق فأنكر عليه ما تزيد ، ورفعه إلى السلطان وأراد أن يهدم ما تزيد من الطريق وزعم أن سعة الطريق كان رفقا به ; لأن ذلك كان فناء له ومربطا لدابته وفي بقية الطريق ممر
[ ص: 153 ] للناس وكان فيما بقي من سعة الطريق ثمانية أذرع ، أو تسعة هل لذلك الجار إلى هدم بنيان جاره الذي بنى سبيل ، أو رفع ذلك بعض من كان يسلك تلك الطريق وفي بقية سعته ما قد أعلمتك فقال يهدم ما بنى ، وإن كان في سعة الطريق ثمانية أذرع ، أو تسعة لا ينبغي لأحد التزيد من طريق المسلمين .
وينبغي للقاضي أن يقدم في ذلك إلى الناس ، وينهى إليهم أن لا يحدث أحد بنيانا في طريق المسلمين وذكر أن
عثمان بن الحكم الجذامي حدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11973أبي حازم أن
حدادا ابتنى كيرا في سوق المسلمين قال فمر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرآه فقال : لقد انتقصتم السوق ثم أمر به فهدمه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : نعم يأمر السلطان بهدمه رفع ذلك إليه من كان يسلك الطريق ، أو رفع ذلك جيرانه لا ينبغي لأحد التزيد من طريق المسلمين كان في الطريق سعة ، أو لم يكن ، كان مضرا ما تزيد ، أو لم يكن مضرا يؤمر بهدمه ، وينبغي للسلطان أن يتقدم في ذلك إلى الناس أن لا يتزيد أحد من طريق المسلمين قال
ابن رشد : اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأصحابه فيما علمت أنه لا يجوز لأحد أن يقتطع من طريق المسلمين شيئا فيتزيده في داره ويدخله في بنيانه ، وإن كان الطريق واسعا جدا لا يضره ما اقتطع منه ، واختلفوا إن
تزيد في داره من الطريق الواسعة جدا ما لا يضر بها ، ولا يضيقها على المارة فيها فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب : يهدم عليه ما تزيد من الطريق وتعاد إلى حالها وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عنه وقول
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون في
الأبرجة يبنيها الرجل في الطريق ملصقة بجداره واختيار
ابن حبيب على ظاهر ما جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الكير الذي أنشئ في السوق فأمر به فهدم ووجه هذا القول أن الطريق حق لجميع المسلمين كالحبس فوجب أن يهدم على الرجل ما تزيده في داره منها كما يهدم عليه ما تزيد من أرض محبسة على طائفة من المسلمين ، أو من ملك الرجل بعينه وقيل إنه لا يهدم عليه ما تزيده من الطريق إذا كان ذلك لا يضر بها لسعتها لما له من الحق فيه إذ هو بناؤه له الانتفاع به وكراؤه ، والأصل في ذلك ما جاء من أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بالأفنية لأرباب الدور ، وأفنيتها ما أحاط بها من جميع نواحيها فلما كان أحق بالانتفاع من غيره ولم يكن لأحد أن ينتفع به إلا إذا استغنى هو عنه وجب أن لا يهدم عليه بنيانه فيذهب ماله هدرا وهو أعظم الناس حقا في ذلك الموضع بل لا حق لأحد معه فيه إذا احتاج إليه فكيف إذا لم يتوصل إلى أخذه منه مع حاجته إليه إلا بهدم بنيانه وتلف ماله ، وهذا بين لا سيما ومن أهل العلم من يبيح له ذلك ابتداء في المجموعة من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
ابن سمعان أن من أدرك من العلماء قالوا في
الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها أن الأقربين إليها يقتطعونها على قدر ما شرع فيها من رباعهم بالحصص فيعطى صاحب الربع الواسع بقدره ، وصاحب الصغير بقدره ويتركون لطريق المسلمين ثمانية أذرع قال
ابن رشد : وإنما قالوا ثمانية أذرع احتياطا ، والله أعلم .
ليستوفي فيها السبعة الأذرع المذكورة في الحديث على زيادة الذراع ونقصانه ، وهذا القول الثاني أظهر والقائلون بالأول أكثر وكل مجتهد مصيب ، وقد نزلت
بقرطبة قديما واختلف الفقهاء فيها فأفتى
ابن لبابة وأبو صالح أيوب بن سليمان nindex.php?page=showalam&ids=14703ومحمد بن الوليد بأنه لا يهدم ما تزيده من الطريق إذا كان ذلك لا يضر بها وأفتى
عبد الله بن يحيى وابنه
يحيى ويحيى بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=307وسعد بن معاذ وأحمد بن بيطير بأن يهدم ما تزيد منه على كل حال وبالله التوفيق انتهى .
وما استظهره
ابن رشد بأنه لا يهدم عليه ما تزيد من الطريق إذا كان ذلك لا يضر بها أفتى به أيضا في نوازله ، ورجحه في سؤال كتب به إليه القاضي
عياض يسأله عن
شخص بنى حائطا بجنته في بطن واد ، وقد كان حائطه دون ذلك فأجابه إن كان الحائط الذي بناه يضر بالطريق ، أو بجاره
[ ص: 154 ] فيهدم ما بناه ، وإن كان الحائط لا يضر بالطريق ، ولا بجاره لم يهدم عليه ، وهذا على القول بأن
من تزيد من طريق المسلمين في داره ما لا يضر بالطريق لا يهدم بنيانه ، والذي يترجح عندي من القولين أنه لا يهدم عليه بنيانه إذا لم يضر بالطريق لما له من الحق في البناء وهو الذي أقول به في هذه المسألة ، وأن من أهل العلم من يبيح ذلك ابتداء انتهى .
، وقال في العتبية أيضا في رسم الأقضية ، والحبس من كتاب السلطان : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن رجل يهدم داره وله الفناء الواسع فيزيد فيها من الفناء يدخله بنيانه ، ثم يعلم بذلك قال : لا يتعرض له إذا كان الفناء واسعا وبراحا لا يضر الطريق ، وقد كرهه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأنا أكرهه ، ولا آمر به ، ولا أقضي عليه بهدمه إذا كان الطريق واسعا وبراحا لا يضر ذلك بشيء منه ، ولا يحتاج إليه ، ولا يقاربه المشي قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ في الرجل يبني دارا له فيأخذ من طريق المسلمين شيئا يزيده فيها كان ذلك مضرا بطريق المسلمين ، أو لا يضر أترى ذلك جائزا وهل تجوز شهادة مثل هذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : إن كان اقتطعه اقتطاعا فما يضر بالطريق والمسلمين وأدخله في بنيانه وكان إدخاله فيما يرى بمعرفة لا بجهالة ، أو وقف عليه فلم يبال فلا أرى أن تجوز شهادته ، ويهدم بنيانه إذا أضر جدا ، وإن كانت الطريق واسعة جدا كبيرة وكان الذي أخذ الشيء اليسير جدا الذي لا يضر ، ولا يكون فسادا في صغير ما أخذ وسعة الطريق وكثرته فلا أرى أن يهدم بنيانه ، ولا يعرض له ، وقد سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عنها بعينها ونزلت عندنا فكان هذا رأيي فيها فسألته عنها فقال لي مثله قال
ابن رشد هذا من قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ وروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب خلاف ما مضى قبل هذا في سماع
زونان ، وقد مضى القول على ذلك هناك مجودا مستوفى فلا وجه لإعادته هنا ، وبالله التوفيق .
ويشير بذلك لكلامه المتقدم ، ونقل
ابن عرفة كلام
ابن رشد المتقدم مختصرا فقال : قال
ابن رشد : ولا يباح لذي الفناء أن يدخله في داره فإن فعل وهو يضر بالطريق هدم عليه ورد كما كان ، وإن كان لا يضر ففي هدمه قولان لسماع
زونان nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب مع
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وأصبغ مع سماعه من
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، والقائلون بالأول أكثر ، والثاني أظهر انتهى .
وقد استوفى
ابن سهل في أحكامه الكبرى الكلام على هذه المسألة في مسائل الاحتساب في ترجمة الاحتساب على
ابن السليم فيما اقتطعه من المحجة وضمه إلى جنته وذكر النازلة
بقرطبة التي أشار إليها
ابن رشد في كلامه المتقدم ، وذكر فتاوى المشايخ الذين ذكرهم
ابن رشد وغيرهم ولم يخرج أحد منهم في استدلاله عن مسألة العتبية ، وقد نقل في أثناء جواب
يحيى بن عبد الله بن يحيى عن
محمد بن أصبغ أن أباه
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ رجع عن قوله أنه لا يهدم ما لا يضر إلى أنه يهدم .
ونصه : وحدثني
محمد بن أصبغ بن الفرج أن أباه
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ رجع عن قوله فيمن اقتطع من أفنية المسلمين شيئا ، وأدخله في داره أنه إذا كان واسعا رحراحا أنه لا يهدم فرجع عن ذلك ، وقال : ويهدم ويرد إلى حالته ، وقال : إن الأفنية ، والطريق كالأحباس للمسلمين لا يجوز لأحد أن يحدث فيها حدثا إلا من ضرورة ، واضطر إلى ذلك ثم نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13404ابن غالب في أثناء جوابه ما نصه : ورأيت بعض أصحابنا قد ذهب إلى اختيار قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : إنه لا يهدم على المقتطع من طريق المسلمين ما اقتطع إذا كان الطريق واسعا رحراحا فاختار برأيه ما رآه صوابا .
والذي نراه ، والله نسأله التوفيق اتباع قول المتقدمين يعني الهدم وهو إلى التوفيق أقرب إن شاء الله ، والعجب من الذي اختار قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ كيف فارق قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر المعروف عنه وما علمته أرخص فيها لأحد قط وما أظن به إلا أنه اجتهد ، والله نسأله التوفيق ثم قال في آخر كلامه بعد ذكر أجوبتهم : وقد ذكر
ابن حبيب رحمه الله هذه المسألة في كتابه بأحسن مساق وأقرب ألفاظ وأبين معان مما وقع في العتبية ، ولم يذكر ذلك كل
[ ص: 155 ] واحد ، ولا خرجوا عما في العتبية فدل على مغيب ما في كتاب
ابن حبيب عنهم وعزوبه عن ذكرهم ورأيت نقله إذ فيه تتميم لمسألتهم .
قال
ابن حبيب : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرفا وابن الماجشون عن الرجل يبني أبرجة في الطريق ملصقة بجداره هل يمنع من ذلك ويؤمر بهدمها إذا فعل ذلك فقالا لي : نعم ليس له أن يحدث في الطريق شيئا ينتقصه به ، وإن كان ما أبقى من الطريق واسعا لمن سلكه قال
ابن حبيب : وسألت
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ بن الفرج عن ذلك فقال لي : إن له ذلك إذا كان ما وراءها من الطريق واسعا قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : وذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قضى بالأفنية لأرباب الدور .
وقال لي : فالأفنية دون الدور كلها مقبلها ومدبرها ينتفعون بها ما لم تضيق طريقا ، أويمنع ما يضر بالمسلمين فإذا كان لهم الاتساع بغير ضرورة حموه إن شاء الله ، ومن أدخل منهم في بنيانه ما كان له أن يحميه ببرج يسد داره ، أو حظر حظيرة وزاده في داره لم ير أن يعرض له ، ولا يمنع إذا كان الطريق وراءه واسعة منبسطة لا تضر بوجه من الوجوه ، ولا تضيق قال : وأكره له ابتداء أن يحظره ، أو يدخله في بنيانه مخافة الإثم عليه ، وإن فعل لم أعرض عليه فيه بحكم ولم أمنعه منه وقلدته منه ما تقلد .
وقد بلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا كره له البنيان ، وأنا أكره له بدءا فإذا فات على ما وصفنا لم أر أن يعرض له فيه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : وقد نزل مثل هذا عندنا ، واستشارني فيه السلطان وسألني النظر إليه يومئذ ، فنظرت فرأيت أمرا واسعا جدا فجا من الفجاج وكان له محيط محظور عن الطريق يجلس فيه الباعة فكسره ، وأدخله في بنيانه فرأيت ذلك واسعا ، وأشرت به على السلطان فحكم به ، وسألت عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب يومئذ فذهب مذهبي ، وقال مثل قولي قال
ابن حبيب : وقول
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون فيه أحب إلي وبه أقول إلا أن يكون له أن ينتقص الطريق والفناء ببناء يسد به جداره ، أو يدخله في داره ، وإن كانت الطريق واسعة صحراء في سعتها ; لأنها حق لجميع المسلمين ليس لأحد أن ينتقصه كما لو كان حقا لرجل لم يكن لهذا أن ينتقصه إلا بإذنه ورضاه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35372من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين } وإنما يفسر قضاء
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بالأفنية لأرباب الدور بالانتفاع للمجالس ، والمرابط والمساطب وجلوس الباعة فيه للبياعات الخفيفة ، والأفنية وليس بأن تحاز للبنيان ، والتحظير ، وكذلك سمعت من أرضى من أهل العلم يقول في تأويل ذلك ثم ذكر
ابن حبيب خبر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هدم كير الحداد وأثرا عن النبي صلى الله عليه وسلم في اقتطاع الأفنية والطرق والوعيد في ذلك في المجموعة روى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
ابن سمعان أن من أدرك من العلماء قالوا في
الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها أن الأقربين يقتطعونها بالحصص على قدر ما شرع فيها من رباعهم فيعطى صاحب الربعة الواسعة بقدر ما شرع فيها من رباعهم وصاحب الصغيرة بقدرها ويتركون لطريق المسلمين قال القاضي
ابن سهل : وهذا أشد ما أنكره منكرهم من قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ كرهه ابتداء ورأى أن تركه لمن فعله إذا كان واسعا رحراحا فجا من الفجاج ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12502ابن أبي زيد في نوادره : قال لنا
nindex.php?page=showalam&ids=12863أبو بكر بن محمد اختلف أصحابنا فيمن يزيد في بنيانه من الفناء الواسع لا يضر فيه بأحد فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه ليس له ذلك ، وقال عنه
ابن القاسم لا يعجبني ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16472ولابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة في المجموعة من بنى مسجدا في طائفة من داره فلا يتزيد فيه من الطريق ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا بأس بذلك إن كان لا يضر بالطريق وفي كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون وسأله
ابن حبيب عمن
أدخل في داره من زقاق المسلمين النافذ شيئا فلم يشهد به الجيران إلا بعد عشرين سنة قال إذا صحت البينة فليرد ذلك إلى الزقاق ، ولا تحاز الأزقة وفي موضع آخر إن كان ضرر ذلك بينا ، ولا عذر للبينة في ترك القيام فهي
[ ص: 156 ] جرحة ، وهذا كله لم يقف القوم عليه ، ولا بلغهم مطالعته ، ولو علموه لنقلوه وآثروا ذكره وقول
محمد بن غالب : والعجب من الذي اختار قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ كيف فارق قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هو أعجب مما تعجب منه ; لأنه تكلم بغير تدبر وأنكر قبل أن يفكر ; لأن قول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ قد رواه عن
أشهب فصار ذلك مختارا لقولهما وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ وروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ينضاف إليها ما ذكر
لابن سمعان عمن أدرك من العلماء ويوشك أن يكونوا من التابعين مع اختلاف قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في هذا الأصل ، ومن استظهر بهذا كله في جوابه لا يتسع عليه في مخالفة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ; لأن هؤلاء كلهم لم يخالفوه إلا إلى أصل اجتمعوا على القول به إلا عن علم مع أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وجواب
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ ومن وافقه مختلف المعنى في الظاهر ; لأن المعهود في طريق الأسواق أن فيها الضيق في ساحتها على أن ينتقص منها وهي مجتمع الناس فهم يحتاجون إلى حيث يجولون ويتصرفون ، وكذلك في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال حين أمر بهدم الكير : يضيقون على الناس والطريق في مسألة
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ كان واسعا ظاهر الاتساع غير مضر بالمارة ، وكان الاستحسان عنده لمن تزيد من مثل هذا الطريق أن يترك لئلا يفسد عليه ما بنى ويذهب إنفاقه باطلا ولعله كان مضطرا إلى ذلك لضيق ساحة داره وتقصيرها عما يقوم به في مسكنه ، فالمختار على هذا غير مخالف بل هو مجتهد في النظر واضع للاستحسان في موضعه ، والله ولي التوفيق انتهى كلام
ابن سهل بلفظه ( تنبيهان الأول ) تحصل من هذا ما تقدم في كلام
ابن رشد أنه اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه أنه لا يجوز لأحد ابتداء أن يقتطع من الطريق شيئا ويدخله في بنيانه ، وإن كان الطريق واسعا جدا لا يضره ما اقتطع منه فإن اقتطع منها شيئا وأدخله في بنيانه فإن كان مما يضر بها ويضيقها على المارة هدم عليه ما تزيد منها وأعيدت إلى حالها بلا خلاف ، وإن كان مما لا يضر بها ، ولا يضيقها على المارة فاختلف في ذلك على قولين ( الأول ) أنه يهدم عليه ما تزيد منها وتعاد إلى حالها وهو الذي شهره
المصنف ( الثاني ) أنه لا يهدم عليه ما تزيد منها إذا كان ذلك لا يضر بها ، ولا يضيقها على المارة لسعتها ، واستظهره
ابن رشد في البيان ورجحه في نوازله وهو المشار إليه بلو في قول
المصنف : ولو لم يضر ، والله أعلم .
( الثاني ) إن قيل : قول
ابن رشد في أول كلامه اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه فيما علمت أنه لا يجوز لأحد أن يقتطع من طريق المسلمين شيئا إلى آخر كلامه السابق يناقضه قوله في آخر كلامه في البيان بعد استظهاره للقول بعدم الهدم لا سيما من أهل العلم من يبيح له ذلك ابتداء ، واستشهاده على الجواز ابتداء بما في المجموعة من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
ابن سمعان عمن أدرك من العلماء بما قالوه في الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها إذ مقتضى ذلك وجود الخلاف في البناء ابتداء ، وكذا قوله في نوازله بعد ترجيحه للقول بعدم الهدم إذ من أهل العلم من يبيح له ذلك ابتداء فالجواب أن مراده بأهل العلم خارج المذهب كما دل على ذلك كلام
ابن سهل المتقدم حيث قال : وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ وروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ينضاف إليها ما ذكره
ابن سمعان عمن أدرك من العلماء ويوشك أن يكونوا من التابعين ، والله أعلم .