مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وتعميم وجهه وكفيه لكوعيه ) . ش هذا أيضا معطوف على فاعل لزم أي : ولزم المتيمم تعميم وجهه بالمسح وتعميم كفيه إلى كوعيه والكوع هو طرف الزند الذي يلي الإبهام ويقال فيه أيضا الكاع وقال في الذخيرة : الكوع آخر الساعد وأول الكف ، انتهى .

وجمعها أكواع قاله في المحكم فيقابل الكوع على التفسير الأول الكرسوع بضم الكاف وهو طرف الزند الذي يلي الخنصر وهو الناتئ عند الرسغ والزند بفتح الزاي قال في الصحاح والقاموس : وهو موصل طرف الذراع بالكف وهما زندان الكوع والكرسوع وقال الجزولي في شرح الرسالة : هو قصبة الذراع وهو نحو ما قاله ابن السيد في مثلثته فإنه قال : الزند بالفتح ما يقدح به النار وزند الذراع ما انحسر عنه اللحم من جانبيه وهما زندان في كل ذراع وبالكسر اسم فرس وبالضم جمع زناد وزناد جمع زند ، انتهى . والرسغ بضم الراء وسكون السين ، وقد تضم وآخره غين معجمة هو مفصل ما بين الكف والساعد ومن الدواب الموضع المستدق الذي بين الحافر وموصل الوظيف من اليد والرجل قاله في الصحاح ، ويقال : فيه رصغ بالصاد المهملة والبوع وهو قدر عرض الإنسان إذا مد يديه قاله في الصحاح ، وقيل : البوع هو رأس الزند الذي يلي الخنصر .

ذكره الجزولي وفي [ ص: 349 ] المحكم الباع والبوع مسافة بين الكفين إذا بسطتهما ، الأخيرة هذلية ونقله في القاموس وقال الشيخ شهاب الدين الأسيوطي :

والكوع ما عليه إبهام اليد والبوع في الرجل ككوع في يد     وما عليه خنصر كرسوع
والرسغ للمفصل طب موضوع     والباع بالأذرع أربع تعد
وباعتدال صاحب الباع يحد

انظر كلامه في البوع والباع مع كلام صاحب الصحاح والمحكم والإبهام بكسر الهمزة وما ذكره المصنف من لزوم تعميم الوجه والكفين هو المشهور في المذهب قال في التوضيح : الاستيعاب مطلوب ابتداء ، ولو ترك شيئا من الوجه ، ومن اليدين إلى الكوعين لم يجزه على المشهور وقال ابن مسلمة : إذا كان يسيرا أجزأه ، انتهى .

( تنبيه ) لم يقيد المصنف تعميم وجهه بمسحه بيديه جميعا فلو مسحه بيد واحدة أجزأه بل قال سند لو مسح وجهه بأصبع واحدة أجزأه كقول ابن القاسم في مسح الرأس قال ابن ناجي في شرح المدونة قال ابن عطية : هذا هو المشهور ، انتهى .

( فرع ) فإن قلت هل تجوز الصلاة بتيمم لم يستوعب فيه الوجه كله ، ولا اليدين ، وليس به قروح ؟ .

( قلت ) نعم إذا ربطت يداه ، ولم يجد من ييممه فمرغ وجهه وذراعيه في التراب ، ولم يستوعب محل الفرض فإنه تجزئه الصلاة بذلك التيمم ، انتهى . من الألغاز لابن فرحون ، وأما إذا وجد من ييممه فلا تسقط عنه وهو كذلك فقد نص في العتبية على أن أقطع اليدين ويستنيب من ييممه كما يستنيب من يوضئه يمسح له وجهه ويديه إلى المرفقين على قول مالك وعلى قول من يرى التيمم للكوعين فيسقط عنه محل مسح يديه إلى المرفق ، والله أعلم .

ص ( ونزع خاتمه )

ش : أي : ولزم المتيمم نزع خاتمه قال في التوضيح : لا خلاف أنه مطلوب بنزع خاتمه ابتداء ; لأن التراب لا يدخل تحته ، فإن لم ينزعه فالمذهب أنه لا يجزئه واستقرأ اللخمي من قول ابن مسلمة الإجزاء ، انتهى . ( فرع ) قال ابن الحاجب قالوا : ويخلل أصابعه قال في التوضيح : تضعيفه التخليل بقوله قالوا لأحد الوجهين إما ; لأن التخليل لا يناسب المسح الذي هو مبني على التخفيف وإما ; لأنه لما كان المذهب أنه لا يشترط النقل إذ يجوز التيمم على الحجر ناسب أن لا يلزمه التخليل وقوله قالوا يوهم تواطؤ جماعة كثيرة من أهل المذهب ، ولم ينقل ذلك إلا عن ابن القرطبي ونص ما نقل عنه أبو محمد : ويخلل أصبعه في التيمم .

وليس عليه متابعة الغضون قال الشيخ أبو محمد : ولم أره لغيره وأشار ابن راشد إلى هذا الاعتراض ، انتهى . ونقله ابن عرفة .

( قلت ) ابن القرطبي بضم القاف وسكون الراء ثم طاء مهملة هو ابن شعبان ونص ما قاله في الزاهي ، وليس عليه في التيمم من التقصي في الغضون ما عليه في الوضوء ; لأن المسح تخفيف والوضوء إيعاب ويخلل المتيمم بين أصابع يديه وهو في التيمم أقوى شيء ; لأن الماء يبلغ ما لا يبلغ التراب ، انتهى .

وظاهر كلام اللخمي قبوله وأنه الجاري على المشهور وجعل مقابله مخرجا على قول ابن مسلمة كما في مسألة نزع الخاتم ونصه : ويختلف في تيمم ما تحت الخاتم في تخليل الأصابع فقال ابن عبد الحكم بنزع الخاتم وقال ابن شعبان : يخلل أصابع يديه ثم ذكر قول ابن مسلمة ثم قال : فعلى هذا القول يصح تيممه ، وإن لم ينزع الخاتم ، أو لم يخلل الأصابع انتهى .

أو صرح ابن بشير بأنه يخلل أصابع يديه فقال بعد أن ذكر صفة التيمم : فإذا مسح على هذه الصفات فإنه يخلل أصابع يديه ثم قال : وإن كان في الأصابع خاتم أزيل ، هذا هو المنصوص ، وإن لم يزله لم يجز له التيمم واستقرأ اللخمي من قول ابن مسلمة أنه إن لم ينزع الخاتم أجزأه ، انتهى .

( قلت ) فإذا علم هذا فقد صح قول ابن الحاجب قالوا ويخلل أصابع يديه [ ص: 350 ] ولا ينافي ذلك قول ابن أبي زيد لا أعرفه لغير ابن شعبان ; لأنه لم يعرفه لأحد من المتقدمين غير ابن شعبان ومراد ابن الحاجب قالوا أنه قاله جماعة من أهل المذهب ، ولو كانوا ناقلين له عن ابن شعبان ; لأنهم إذا قبلوه فكأنهم قالوه ، ولا يلزم من كون المسح مبنيا على التخفيف عدم التخليل عند من يقول بوجوب التخليل في الوضوء ; لأنه قد حكم لما بين الأصابع بحكم الظاهر وهو كثير فيجب مسحه كما يجب مسح ما تحت الخاتم ; لأنه أضعاف ما يستره الخاتم ، وقد قال صاحب الطراز في قول ابن عبد الحكم : ينزع الخاتم نحو قول ابن شعبان ومقتضى المذهب أنه لا ينزعه وهو أخف من الوضوء وتقدم اختلاف قول مالك في تخليل الأصابع في الوضوء ، فإن قلنا : يجب في الوضوء لم يبعد أنه يجب في التيمم ، انتهى . ونقل صاحب الذخيرة كلام صاحب الطراز .

( فرع ) تقدم في كلام ابن شعبان أنه لا يتتبع الغضون ونقله المصنف في التوضيح كما تقدم ونقله غيره وقال الجزولي في شرح قول الرسالة : يمسح بهما وجهه كله مسحا قال أبو عمران : إنما زاد قوله مسحا ليبين أن المسح مبني على التخفيف فلا يتبع الغضون وفيه قولان ، انتهى باختصار . وقال في الإرشاد : ويراعي الوترة وحجاج العينين والعنفقة إن لم يكن عليها شعر ، انتهى . والله تعالى أعلم . وقال في الطراز : وليس على المتيمم تتبع غضون وجهه وعليه أن يبلغ بيديه حيث ما يبلغ بهما في غسل الوجه ويمرهما على شعر لحيته الطويلة على نحو ما جرى في الوضوء وما لا يجزيه الاقتصار عليه في الوضوء لا يجزيه ذلك في التيمم وخفف ابن مسلمة ترك اليسير ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية