ص ( وعجل إن عين ، أو بشرط ، أو عادة ، أو في مضمونة لم يشرع إلا كراء حج فاليسير
[ ص: 394 ] وإلا فمياومة )
ش : اعلم أن التعيين تارة يكون في الأجرة وتارة يكون في المنفعة المستأجرة ، واعلم أنه يقضى بتعجيل الأجرة إذا شرط التعجيل سواء كانت الأجرة شيئا بعينه ، أو شيئا مضمونا في الذمة ، وكذلك يقضى بالتعجيل إذا كانت العادة التعجيل سواء كانت الأجرة شيئا معينا أو شيئا مضمونا ، وسواء في ذلك الأجرة المعينة ، والمضمونة ، وكذلك
يقضى بالتعجيل إذا كانت المنفعة المستأجرة مضمونة في ذمة الأجير وتأخر شروعه في العمل يومين ، وأما لو أخره إلى يوم واحد فيجوز التقديم والتأخير وقول
المصنف إن عين مستغنى عنه ; لأن
الأجر إذا كان معينا ، فإن شرط تعجيله ، أو كان العرف تعجيله صحت الإجارة وقضي بتعجيله للشرط والعرف ، وهو مستفاد من قوله : أو بشرط أو عادة ، وإن لم يكن شرط ، ولا عرف فالإجارة فاسدة كما سيصرح به
المؤلف فتأمله ، ولا يرد هذا على
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب ; لأنه لا يفسد عنده إلا إذا كان العرف التأخير فيحمل قوله : يعجل إن كان معينا على ما إذا لم يكن عرف ، ولا اشترط التعجيل ، وهو خلاف قول
ابن القاسم كما قاله في التوضيح قال في أوائل كراء الرواحل منها : ومن اكترى دابة لركوب أو حمل ، أو دارا ، أو استأجر أجيرا بشيء بعينه من عين ، أو عرض ، أو حيوان ، أو طعام فتشاحا في النقد ، ولم يشترطا شيئا ، فإن كانت سنة الكراء في البلد بالنقد جاز وقضي بقبضها ، وإن لم تكن سنتهم بالنقد لم يجز الكراء ، وإن عجلت هذه الأشياء إلا أن يشترط النقد في العقد كما لا يجوز بيع ثوب ، أو حيوان بعينه على أن لا يقبض إلا إلى شهر ، ويفسخ
ابن القاسم ، وإن اكترى ما ذكرناه بدنانير معينة ، ثم تشاحا في النقد ، فإن كان الكراء بالبلد بالنقد قضي به ، وإلا لم يجز الكراء إلا أن يعجلها انتهى .
قال
أبو الحسن قال
عياض : قوله : إلا أن يعجلها أي : يشترط ذلك في أصل العقد يبين ذلك ما تقدم واختصره
ابن يونس إلا أن يشترط تعجيله في العقد ، وقوله : أولا إلا أن يشترط النقد في العقد ، الاستثناء منقطع كأنه يقول : لكن إن اشترط النقد في العقد جاز انتهى .
ثم قال في المدونة إثر الكلام السابق كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن ابتاع سلعة بدنانير له ببلد آخر عند قاض ، أو غيره ، فإن شرط ضمانها إن تلفت جاز ، وإلا لم يجز البيع فأرى إن كان الكراء لا ينقد في مثله فلا يجوز إلا أن يشترط عليه إن تلفت فعليه مثلها ، ولا يجوز اشتراط هذا في طعام ، ولا عرض في بيع ، ولا كراء ; لأنه مما يبتاع لعينه فلا يدري أي الصفقتين ابتاع ، ولا يراد من المال عينه ، وقال غيره في الدنانير : هو جائز ، وإن تلفت فعليه الضمان انتهى .
أبو الحسن قوله : فأرى الكراء إن كان لا ينقد في مثله ، معناه ليس من سنتهم النقد ، وذكر بعضهم عن بعض الشيوخ أنه قال : يحتمل أن يريد بقوله : إن كان لا ينقد في مثله كبيع الخيار ، قال : ولم أره لغيره انتهى .
وهذا الذي أشار إليه المؤلف في فصل كراء الدابة بقوله وبدنانير عينت إلا بشرط الخلف انتهى .
وقوله : أو في مضمونة لم يشرع فيها يريد لم يشرع فيها إلا بعد طول ، وأما إن قرب الشروع ، فيجوز تأخير الكراء ، ويجوز اشتراط ذلك قال
المتيطي : فإن كان المضمون في الكراء إنما هو على أن يأتيه بها تلك الليلة ، أو في الغد فلا بأس باشتراط تأخير الكراء إلى أجل وقوله : إلا كراء حج فاليسير لو أدخل الكاف لكان أشمل قال
المتيطي روى
أبو زيد عن
ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ، ولم يذكر الحج ، ونصه : تعجيل النقد في الكراء المضمون إلى أجل هو . الأصل ، ولا يجوز تأخيره بشرط واختلف في تعجيل بعضه وتأخير باقيه دون شرط فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيمن أكرى إلى الحج في غير إبان الحج ليخرج في إبانه لا بأس أن يقدم منه الدينار والدينارين ، ولا يجوز في غيره وروى
أبو زيد عن
ابن القاسم ذلك في الكراء المضمون ، ولم يذكر الحج ، وقال : كم من كري ذهب بالكراء ، وروى
ابن المواز [ ص: 395 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كراهة تأخير النقد إلا أن ينقد أكثره ، أو ثلثيه ، وقال مثله
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، ثم قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قد اقتطع الأكرياء أموال الناس فلا بأس أن ينقده الدينار والدينارين يريد في غير الحج انتهى .
وفي التوضيح عن الموازية مثل الحج في غير إبانه ، واليسير الدينار والديناران على ما رجع إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والله أعلم .
وقوله : وإلا فمياومة أي ، وإن لم تكن الإجارة مضمونة بل كانت معينة ، أو كانت مضمونة إلا أنه شرع فيها ، ولم يكن شرط ، ولا عرف والأجر غير معين فإنما تستحق الأجرة مياومة ، وهذا عند المشاحة ، وإلا فيجوز التقديم والتأخير صرح بذلك في أول مسألة من كتاب الجعل والإجارة من البيان ، ونقله
ابن عرفة ( تنبيهات الأول : ) يعترض على
المصنف بما اعترض به على
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في قوله ، فإن لم يكن شرط ، ولا عادة أخذ مياومة قال ظاهر كلامه يتناول الصنائع ، بل الإجارة في العرف مقصورة عليها والمذهب أن الصانع لا يستحق الأجرة عند الإطلاق إلا بعد تمام العمل انتهى .
ومثله يقال عليه ، وما قال : إنه المذهب هو في كتاب الجعل والإجارة من المدونة قبل ترجمة الدعوى في الإجارة ، ونصها : وإذا
أراد الصناع والأجراء تعجيل الأجر قبل الفراغ وامتنع رب العمل حملوا على المتعارف بين الناس ، فإن لم تكن لهم سنة لم يقض لهم به إلا بعد فراغ أعمالهم ، وأما في الأكرية في دار أو راحلة ، أو في إجارة بيع سلعة ونحوه فبقدر ما مضى ، وليس للخياط إذا خاط نصف القميص أخذ نصف الأجرة حتى يتم ; إذ لم يأخذه على ذلك انتهى .
( الثاني : ) ما تقدم من أنه إذا كانت الإجارة غير مضمونة بل معينة يجوز التقديم ، والتأخير محله ما إذا شرع في العمل ، أو تأخر الشروع نحو العشرة الأيام ، وإن طال ذلك لم يجز تقديم الأجرة قال
ابن رشد في أول كتاب الجعل والإجارة من البيان : الإجارة على شيء بعينه مثل نسج الغزل وخياطة الثوب على قسمين : مضمونة في ذمة الأجير فلا تجوز إلا بتعجيل الأجر أو الشروع في العمل ، أو تعجيلهما ، ومعينة في عينه فتجوز بتعجيل الأجر وتأخيره على أنه يشرع في العمل ، فإن شرع إلى أجل لم يجز النقد إلا عند الشروع في العمل انتهى .
وتأخير الشروع إلى يومين لا يضر قاله في المدونة
أبو الحسن وإلى عشرة أيام وانظر كلامه عند قول المؤلف : وكراء دابة إلى شهر ، ونقل كلام
ابن رشد فعلى هذا إذا كان العمل معينا على أن لا يشرع في العمل إلا إلى أجل ، وكان الأجر شيئا معينا تفسد هذه الصورة ; لأن كون الأجر معينا يقتضي تقديمه ، وكون العمل في عين الأجير إلى أجل يقتضي تأخيره ، والله أعلم .
( الثالث : ) قال
ابن رشد : إن صرح بكون العمل مضمونا كقوله : استأجرتك على كذا في ذمتك إن شئت عملته بيدك ، أو بغيرك أو معينا كاستأجرتك على عمل كذا بنفسك فلكل منهما حكمه ، وإن لم يصرح ، وظاهر اللفظ أنه مضمون كقوله أعطيتك كذا على خياطة هذا الثوب حمل على المضمون اتفاقا إلا أن يعرف أنه يعمله بيده ، أو كان عمله مقصودا لرفقه وإحكامه ، وإن كان ظاهره التعيين كاستأجرتك على خياطة هذا الثوب ، أو على أن تخيطه ، ولا يقول : أنت ففي حمله على المضمون ، أو المعين قولان المشهور : أنه يحمل على المضمون أيضا إلا أن يعلم أنه يعمله بيده ، أو يكون قصد عمله لرفقه وإحكامه انتهى .
( الرابع : ) قال
ابن عرفة عن
ابن فتوح : إن قام من آجر عبده يطلب أجره بعد تمام عمله فأجرته تجري مجرى الحقوق في الفسحة وضرب الأجل ، وإذا آجر العبد نفسه ، أو الحر وطلب ذلك بعد الخدمة قال
ابن حبيب : لا ينبغي أن يحملا كالحقوق عند وجوبها ، ويجب تعجيل أجرهما لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1198أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه } إلا أن يؤخر الأجير من استأجره بأجرة سنة ، ثم يطلب فيحمل محمل الحقوق انتهى .
( الخامس : ) قال في الذخيرة عن
ابن يونس : كره
[ ص: 396 ] nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك نقد الكراء في السفن ; لأنها لا تجب إلا بالبلاغ ، وجوزه
ابن نافع ، وقال : له من الكراء بحساب ما قطع ، فإن عطب قبل البلاغ وادعيت النقد صدق عليك ; لأن الأصل عدمه ، ولا يشهد بعضهم لبعض للتهمة ، وقيل : يجوز كما في قطع الطريق انتهى .